3

:: ببغاء للشؤون الرئاسية... ::

   
 

التاريخ : 22/10/2013

الكاتب : نبيــل عــودة   عدد القراءات : 1613

 


 

تسابق مرشحو الرئاسة الجدد في بلدة اسبانية جبلية لشراء ببغاء تكون سكرتيرة لرئيس البلدية. السبب ان الوعود التي نثرت لا تغطية لها في الميزانية، ربما تخالف كل عرف قانوني. فكر المرشح الأول، بذلك يستحق صفة "مفكر"، قال لنفسه: الببغاء ستحفظ جملة تعيدها على مسامع المراجعين بأن الرئيس منشغل بتنظيم دفاتر وعوده. اذا سئلت أي سؤال آخر لن تجيب الا بما تعلمته: "الرئيس منشغل بترتيب دفاتر وعوده".. ومن لا يصدق هذه العجيبة الانتخابية الناطقة؟

"هذا حلٌّ مثالي" قال المرشح الثاني الذي يعلن انه المنتصر القادم، رغم انه لم يحقق اي انتصار سابق.. "الببغاء توفر علي مليون كلمة كل يوم لأتملص من الوعود التي قطعتها على نفسي مع خبطة على الصدر". اضاف "مع اقتراب الانتخابات التي تلي هذه الدورة التي سننتصر فيها حتما، نعلن ان مؤامرة من اعداء الشعب والوطن حالت دون تنفيذ ما وعدنا به الشعب، انتخبوني لأنفّذ ما تعهدت به وها هي الببغاء الناطقة دليل على ما أقول!!"

المرشح الثالث يظن انه البديل، لكنه لا يعرف كيف يكون بديلا مكان الأورجينال (الأصيل) اذا تعثّرت خطاه ولم ينفّذ وعوده فالويل له من مريديه، قال لنفسه "الحل ببغاء ناطقة تقول للجميع جملة واحدة فيخرجون راضين متأملين ان البديل سيحقق لهم ما طلبته نفوسهم.. لأن الطير لا يعرف الكذب" قال انصاره "اذا تأخر البديل بإخراج وعوده للتنفيذ، فسوف نحضر له شربة ملح انكليزي، لتخرج الوعود بيسر وليس بعسر!!"

المرشح الرابع فكر، بذلك صار مرشحان يستحقان صفة "المفكر" ان الببغاء قادرة على اقناع مؤيديه أكثر من اي شخص آخر. فكر "سيتعجبون لمسمع طائر يتكلم الإسبانية الفصحى بدون أخطاء ويعتبروا ذلك من انجازات المرشح الفائز برئاسة البلدية".. والمؤكد انه الفائز باذن الله!!

لكنه في ورطة، قال انه سيقيم مهرجانا للتغيير، واذا لم يتغير شيء ويتربع على كرسي الرئاسة، سيحتاج الى ببغاء تكرر الهتاف على مسمع الجماهير "سنغير سنغير"، سنفتح أكبر مصنع للتغيير. سنجعل التغيير ايقونة مقدسة توزع على السائلين مجانا، ونعلم الببغاء ان تقول جملة مختصرة لكل السائلين عن موعد التغيير، لأن حضرته/ها منشغل/ة في الأيام الأولى بمعرفة قيمة الوعود المطروحة من ناحية مالية ولا بد من ببغاء تعطي جوابا واحدا لا جوابين.

عليه توجه المتنافسون الأربعة الى محل لبيع الطيور النادرة، وكان طلبهم الحصول على ببغاء تحسن نطق الإسبانية ويسهل تعليمها قول جملة مفيدة.

سُرَّ البائع من زبائنه، جلب ببغاء ريشها جميل، وقال لها: "انا صح" فنطقت بلغة اسبانية لا يشوبها خطأ "انا صح".

-         كم ثمنها؟

-         30 الف يورو فقط؟

-         ساشتريها. قال الأول

-         لدي ببغاء ثمنها 50 الف يورو وتستطيع ان تقول اربعة كلمات بدون خطأ.

-         ممتاز (صرخوا سوية بسعادة) اربعة كلمات أفضل من كلمتين!!

جلب ببغاء تبرق عيناها مثل عيني قطة في الليل.

-         انا سأشتريها... أنا اشتريها.. بل أنا!! تنافس الزملاء الأربعة.

-         تمهّلوا. قال البائع، واضاف:

-         لدي ببغاء تقول ستة كلمات وثمنها 100 الف يورو.

-         غدا سأحول المبلغ من قطر الى حسابك البنكي... تريده باليورو ام بالدولار او بالشيكل؟ صرخ آخر:

-          انا جاهز للدفع الآن بالبيزيتا الاسبانية!!

-         انا سبقتكم الى شرائها. أصر/ت زعيم/ة التغيير؟

المنافسة اشتدت.. سأدفع بالدولار، قال المرشح الأول. سادفع بالجنيه الاسترليني قال الثاني، سأدفع باليورو قال الثالث.. واضاف الرابع:

-          القيمة لا تختلف باختلاف الوان العملة انا سادفع بالبيزيتا.. لأنها عملتنا الوطنية غير المستوردة.. هذا يثبت وطنيتي أيضا.

بدأ النزاع يشتد من يشتري الببغاء الناطقة بست كلمات.. التاجر ابتسم وقال لهم:

-         لدي ما هو أفضل، ببغاء بمليون يورو.

-         مليون يورو؟! جحظت عيونهم.

-         أجل انها هنا.. تفضلوا انظروا اليها..

قادهم الى غرفة جانبية، شاهدوا ببغاء مع نظارات طبية، نظرت اليهم من فوق العدسات، ولم ترد عليهم التحية.

-         لكنها أبشع من الببغاوات السابقات.. لماذا مليون يورو؟ ما الذي يميزها؟

-         انها استاذة اللغة الاسبانية، كل الببغاوات هم تلامذتها، وهي تريد ان تنهي عملها بالتعليم لتصبح رئيسة بلدية، اسمعوها..

توجه التاجر اليها برقة واحترام:

-          ما هو برنامجك الانتخابي يا سيدة الببغاوات؟

وانطلق صوتها:

-         انا الصح، انا المنتصر القادم، انا اصنع التغيير، انا رأس الحكمة، انا برفع الراس، انتخبوني وسأعفيكم من الضرائب والرسوم وأوظف أبناءكم.. سأمُّد لكم شارعاً يتجاوز ضغط الشارع الرئيسي عبر جسر هوائي. سأوفر لكم مواقف مجانية، سأرجع الأحراش للدولة، نحن لا نريد أحراشا. لا نريد قاعة ثقافية يلتقي فيها الشباب بالصبايا، هذه معصية، لا نريد مدراس تعلم الفيزياء والرياضيات ومواضيع الكفر مثل المنظومة الشمسية وتطور الانسان. يكفي الحساب ومعرفة الأرقام والتسبيح بحمد الرئيس... انتخبوني وسأجعل التغيير مضمونا.. سأغير.. سأغير.. سأبدل.. سـأغير.. سأغير..

واستمر هتافها بالتغيير مما أثلج صدور المتنافسين!!

في تلك الليلة لم تهدأ بدالة التلفونات الدولية في قطر، وانشغلت مكاتب المال في مختلف عواصم العالم لتوفير المبالغ للفوز بالمناقصة الحادة على شراء ببغاء ناطقة لتسيير شؤون البلدية ورئيسها أبو (أَو أُم) التغيير!!

nabiloudeh@gmail.com

 

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.