3

:: الصداقة مختلفة ::

   
 

التاريخ : 28/09/2014

الكاتب : فاطمة المزروعي   عدد القراءات : 1166

 


 

 

 

أدرك أن موضوع الصداقة والأصدقاء تم طرحه كثيراً وأن الحديث عنه بات مكرراً ولا طائل منه خصوصاً الحديث حول شحّ الوفاء بين الأصدقاء أو الخيانة، وكما يقال رحم الله الشدائد علمتني صديقي.. وأيضاً ما يقال عن أن الخل الوفي من المستحيلات، وغيرها من قاموس إنساني طويل في كل أمة وشعب من شعوب الأرض تغنى بالوفاء أو ثراء الصداقة التي تنهزم دوماً في ساحات الماديات.

لكن ماذا عن الصداقة التي ترغم عليها، فسيكون من المضحك بحق أن تسمع قصة إنسان يشكو حالة مع صديق هو مرغم على صداقته ومسايرته رغم كراهيته وعدم الرضا بتصرفاته الرعناء وغيرها من السلوكيات التي قد لا تتفق معك.. مع الأسف هذا ما سمعته في جلسة مع عدد من الصديقات حيث كانت إحداهن تشكو حالها مع صديقة لها فرضت عليها تماماً، لكن كيف فرضت عليها؟ القصة تبدأ منذ زواج هذه الصديقة وتعرفها إلى شقيقات زوجها.

تقول لم يحدث اندماج أو تلاقٍ معهن في الاهتمامات ولا الهوايات وباتت العلاقة بيننا هي الرابطة كونهن شقيقات زوجي لا أكثر، بعد مضي بعض الوقت فوجئت بزوجي يحدثني عن أهمية أن أشرك أخواته معي في أنشطتي الاجتماعية وزياراتي، بل حتى في تسوقي. لقد قال: تواصلي معهن وصادقيهن، أريدهن أن يتأثرن بك وتكوني قدوة لهن. تقول فرحت في البداية بثقة زوجي، وقلت له أبشر. المعضلة التي وقعت فيها صديقتي أنها تجد نفسها سحبت معهن فهن من أثرن فيها وليس العكس. تضيف: لم أعد أقرأ الكتب وبتُّ في دوامة معهن، ولو قدر وابتعدت عنهن لفترة فإنهن يُبلغن أخاهن الذي يعاتبني.

لقد ضحكنا جميعاً من هذه القصة، وتذكرت الأبيات الشعرية للمتنبي عندما قال:

ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى    عدواً له .. مـــــــا من صـــداقته بدُّ..


       بطبيعة الحال هن لسن عدوات لهذه الصديقة، ولكنه أيضاً من نكد الدنيا أن يفرض على هذه الصديقة "رِتْمٌ" معين وتوجُّهٌ محدّد من الصحبة والسبب كونها متميزة في بيتها وفي ثقافتها وفي تواصلها مع الناس وفي تربيتها لأطفالها وفي تعليمها، من المؤلم أنه بسبب نجاحها الاجتماعي يستغل الزوج هذا الجانب ويضغط عليها لتحاول أن تؤثر على شقيقاته تحت عنوان الصداقة، وكما نرى فإن النتيجة باتت عكسية. الصداقة لا تولد أو لا تنمو ولا تأتي وفق هذا الترتيب ووفق الأوامر والنواهي والانتقائية، الصداقة هي شيء مختلف تماماً عن كل هذا.

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.