3

:: ميزان التعامل مع الآخرين! ::

   
 

التاريخ : 31/10/2014

الكاتب : فاطمة المزروعي   عدد القراءات : 1225

 


 

 

 

في أحيان نحتاج إلى الصمت لبعض الوقت واستعادة شريط من تعاملاتنا الحياتية وطرق حديثنا ومفرداتنا التي نطلقها تجاه الآخرين، ببساطة متناهية نحن بحاجة لإيقاظ ضمائرنا وجعلها دوماً متوثبة وندربها على القيام بواجبها الأدبي والإنساني على أكمل وجه.

لن أضرب مثالاَ بمشادّات كلامية أو بظلم أحدهم للآخر أو بتنكر وخيانة، وهي قصص كثيرة في عالم اليوم بل متنوعة والبعض منها تسبب لك حالة من الذهول والاستغراب، لكنني أريد أن أستعرض معكم رسالة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وأيضاً وصلتني عبر "الوتساب"، أريد استحضارها كمثال بسيط وعفوي حول الذي أشير له، الرسالة كان مرفقاً معها صورة لرجل يعرض بضاعة للبيع ويستظلّ من شدّة شمس الصيف بسيارته، وجاء أسفل الصورة التعليق التالي: "نشتري من الباعة المتجولين، وأغلبهم فقراء طبعاً، ونخفض في قيمة بضاعتهم ونحاول أن نشتري ما لديهم بنصف السعر أو نصدّ عنهم، وبعد إلحاح منهم وجدالهم نشتري بالسعر الذي يرضينا ونشعر بالفخر لأننا تغلبنا عليهم. بالمقابل نشرب فنجان قهوة في كوفي شوب بسعر أضعاف مضاعفة عن الكلفة الحقيقية ثم نضع له "بقشيشا" من دون أي عناء ونشعر بالفخر لأننا كنا كرماء معهم". هذه مفارقة حقيقية وموجودة في حياتنا اليومية، وغني عن القول إنها مفارقة لا يمكن أن يحاسبك عليها القانون أو أن يقوم أي شخص بلومك أو نقدك، لكنها موجودة وإن بأشكال مختلفة، بين أيدينا عدة أمثله في هذا السياق لبضائع زهيدة ومتواضعة وكمالية وسعرها معروف ومتدنٍّ ورغم كل هذا فإننا نقف أمام بائعها بقوة ونجادل ونأخذ ونعطي معه في الكلام، بينما عندما نكون في سوق فخم وفي أحد معارضه لا نجرؤ حتى على مناقشة البائع عن السعر المدوّن على السلعة وفي أفضل الأحول قد تسأل هامساً وبخجل، هل عليها تخفيض؟! وأتذكر ملاحظة قريبة من هذه كانت تحكى عن عادة لدى البعض من النسوة، حيث تقوم بشراء فستان لسهرة أو لحفلة ما وقد يكلّفها ثلاثة آلاف أو أربعة أو أكثر، وبعد شرائه تحتاج لعمل تعديلات طفيفة عليه حتى يتناسب معها كتضييق بعض جوانبه، فتذهب لخياط ملابس ليعمل لها هذه التعديلات فيطلب مبلغ خمسين أو مائة، كثمن فتصرخ في وجه لماذا؟ أنا لم أطلبك أن تفصّل لي ثوباً جديداً! هذه أيضاً مفارقة عجيبة وغريبة تثبت أن الميزان لدينا ليس في مكانه الطبيعي، وأقصد بالميزان الحكم على الأمور بموضوعية ودقّة الحكم على متطلباتنا وطرق صرفنا، وحتى أسلوب تعاملنا مع الآخرين.. فهذه السيدة تبخس الخياط حقّه المالي المتواضع ولم تبخس البائع القيمة التي طلبها وقد تكون عالية ومبالغاً فيها.

تعمّدت أن أسوق مثالاً في جانب مالي، ولكن هناك أمثلة بعيدة عن جوانب البيع والشراء، مثل قصة رجل كان يكره مشاهدة عمال النظافة وهم يستظلون بشجرة عند سور منزله، فقام بطردهم، فتوجهوا للجلوس تحت شجرة جاره، وباتوا يومياً يستقطعون ساعة من النهار في ذلك المكان، وكان هذا الجار يقدم لهم الماء البارد كل يوم مع بعض الطعام الخفيف. فما هو الفرق بين الاثنين وما الذي خسره هذا وكسبه ذاك..

أترك الإجابة لكم...

 

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.