3

:: أستاذ جامعي يضع ساعة بناتية! ::

   
 

التاريخ : 31/10/2014

الكاتب : فاطمة المزروعي   عدد القراءات : 1254

 


 

 

 

تحدث في حياتنا اليومية العديد من المواقف الطريفة، ولكن بالمثل تقع ونعيش المواقف المؤلمة، وأيضاً تحدث مواقف نصدم تماماً من نهايتها أو نتيجتها والتي جاءت بغير ما كنا نتوقع ونحسب، بل إننا في كثير من الأحيان نحكم على أقرب الناس إلينا وفق ما نرى من المظهر دون التأكد أو السؤال على أبسط تقدير، وهذا الحكم الذي نصدره يكون مثالاً للقسوة والبعد عن الإنسانية، بل بعيداً حتى عن قيمنا العربية الخالدة والضاربة العمق في تاريخنا الأزلي.

نعيش في هذا الزمن حالة من التسرُّع في النقد وفي لوم الآخرين وفي أحيان طعنهم في الظهر بالحديث عنهم في كل مجلس، وفي كل مناسبة اجتماعية، فنجعلهم لقمة سائغة في أفواهنا. أتذكر في هذا السياق الأثر الذي يقول: ‌"التمسْ لأخيك سبعين عذرأ فإن لم تجد فضع اللوم عليك‌". ودلالة هذه المقولة واضحة وهي عندما يحدث ممّن تحبّ وممّن هو قريبٌ منك خطأٌ فلا تباشرْ في النقد والغضب، وإنما التمسْ له الأعذار، وفي قمّة الإنسانية أن تُرجع السبب عليك إن شحّت الأعذار.. غنيٌّ عن القول إننا بعيدون تماما عن هذا الجانب، فنحن سريعون في كل شيء؛ نسرع لإقامة صداقة جديدة ونسرع في هدمها، في لهفة لاكتشاف الآخر وفي عجلة للتخلّي عنه، فى ظني أن المقاييس تبدّلت وحدث لها تغييرٌ كبير. المؤلم بحق أننا أيضا نصدر أحكاما ونلوم الآخرين دون أن نعرفهم جيداً أو حتى دون أن نمتلك الشجاعة لمواجهتهم وسؤالهم عمّا نشاهده منهم ونعتبره خطأ يمارسونه، لا نفعل هذا، فقط نكتفي بالنيل منهم ومن أخلاقهم وقيمتهم. أتذكر قصة سردها أحد الطلاب في المرحلة الجامعية، عن دكتور كان يعلمهّم ويأتي للمحاضرة كل يوم وهو يرتدي ساعة ماركة باربي بناتية.. والمعضلة الكبرى ليس لأن الساعة ليست رجالية بل لأنها ساعة بناتية، وقد كان الوقع أخفّ لو كانت ساعة نسائية فقط لكن أن تكون ساعة لفتيات في مقتبل العمر، فهذا الذي لم يحتمله الطلاب فوقع الدكتور الذي يعلمهم في كماشة الاستهزاء والتهكّم والسخرية، بل هناك من وصفه بالمرض، وبات حديث الطلاب وفرصة للتندّر والضحك.. فيما بعد علم الجميع أن الدكتور يرتدي ساعة ابنته التي توفيت قبل فترة قريبة!.. رمزية ارتداء هذا الدكتور ساعة ابنته كانت درساً بليغا في الوفاء وحب الأب لابنته، لأنه ودون شك كانت ابنته وطفلته تحب هذه الساعة وتضعها دوماً في معصمها، فلم يتحمل أن يشاهد هذه الساعة وقد أهملت وتم تركها على المنضدة، هذه الرمزية لم تسمح لأي من الطلاب رجال الغد أن يتقدم أحدهم ويسأل أستاذة، وإن بطريقة غير مباشرة، رغم أن ترك الناس وعدم تصنيفهم وعدم الالتفات لاهتماماتهم حتى وإن لم تعجبنا كانت أولى، أقول إنه ومع الأسف تتكرر مثل هذه القصة وبشكل يومي في حياتنا، دوماً نصدر أحكاماً على عابرين في الشارع لا نعرفهم أو حتى في مناسباتنا الاجتماعية ومعارفنا نبدأ في النقد وتوجيه اللوم لموقف عابر أو حركة عفوية بريئة، نحن نظلم بعض بمثل هذه السلوكيات، إنها قسوة من نوع آخر.

 

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.