3

:: رفيق المرأة من الميلاد حتى الممات! ::

   
 

التاريخ : 02/11/2014

الكاتب : فاطمة المزروعي   عدد القراءات : 1392

 


 

لماذا نعتقد أننا نعرف كل شيء، وبناء على هذه المعرفة فإننا نصدر أحكاماً تكون في كثير من الأحيان قاسية بحق أنفسنا وبحق أقرب الناس لنا، لماذا نلغي دوماً من أذهاننا الظن الحسن، ونستبدله بأسوأ ما يمكن أن يحدث، لماذا في كل مرة نكون عجولين عندما نصدر أحكاماً محملة بالسوء لكننا متريثون وعلى مهل عندما يتعلق الأمر بحقيقة جميلة محملة بالبراءة والنقاء والبياض، لماذا نعاقب قبل التأكد والتروي.

جميع مثل هذه الاستفهامات والتساؤلات تساقطت على ذهني وأنا أستمع لإحدى الصديقات اللاتي ظلمت من أقرب الناس لها والسبب سوء الظن لا أكثر ولا أقل. تقول إنها في يوم استأذنت والدها في الخروج بعد العصر للتسوّق، رحّب الأب ولم يمانع، ثم إنها غيرت رأيها وقررت البقاء في المنزل لتنهي بحثاً علمياً يتعلق بجامعتها، عندما حلّ المساء، فوجئت بأصوات مرتفعة والذي كان يصرخ هو شقيقها، وكان يكيل لها الشتائم وأقبح الأوصاف، تقول أنه خشية من غضبه العارم توجّهت مباشرة نحو أبيها، وكانت تسأل عن سبب كل هذا الغضب، وغني عن القول أن الشقيق تمادى وجعل يرعد ويزبد، فلا هو احترم أمه ولا أباه، وبعد أن أخرج كل ما في جوفه من كلمات بذيئة تجاه شقيقته، سأله الأب: ماذا بك ولماذا تشتم أختك؟ فقال إنه شاهدها اليوم في السوق مع صديقتها وهن سافرات!.. اقترب الأب من ابنه، وقال له: هل أنت متأكد أنها شقيقتك؟ أصر الابن أنها أخته، فما كان من الأب إلا أن وجه صفعة قوية لصدغ ابنه، وقال هذا من أجل سوء ظنك وقبح كلماتك.. شقيقتك اليوم لم تخرج من المنزل!

كنت أتساءل ماذا لو قدر الله وخرجت صديقتي للسوق؟ هل سيكون موقف الأب هكذا؟ أم سيؤخذ كلام الابن على محمل الجد وأنه صادق ولا يحتمل الخطأ، إنه مجرد تساؤل، صديقتي نفسها سألتني ماذا لو خرجت في ذلك اليوم، كيف سيكون وضعي هل سيقف معي أبي وأمي كما حدث؟ الجانب الآخر في الموضوع هو ما اعتبره الشقيق خطأ فادحاً ارتكبته شقيقته بأنها سافرة، وماذا تعني هذه الكلمة، وما هي درجة السفور التي يتحدث عنها، إنها كلمة يمكن مطّها، فهي مفردة تحتمل جوانب عديدة بل حتى في ثقافات متنوعة يختلفون في السفور ودرجته، هل كان يقصد أنها كاشفة عن غطاء الرأس وظهر الشعر؟

أدرك أن هناك قصصاً مشابهة كثيرة وإذا كان الحظ قد أنجى صديقتي، فلا أعتقد أنه كان مع كثيرات أخريات. الذي يؤلمني في مثل هذه القصة هو الجانب الضعيف دون مبرّر، وهي المرأة، بمعنى أنها تتلقّى العقاب حتى وإن كان معنوياً فقط لأنها أنثى لا أكثر ولا أقل، هي محلّ مراقبة ومحلّ شكّ ومحلّ سوء الظنّ، والسبب أنها امرأة أو فتاة في مقتبل العمر، نعم أقصد بامرأة من قد تكون متزوجة ولديها أيضاً أطفال، بمعنى في عالمنا العربي يتم وضع المرأة تحت الضوء من الميلاد حتى الممات، لا مفرّ من الشك والمراقبة فسوء الظن ملازم، وهو من أول الأبجديات اللاتي تتعلّمه بعض من الفتيات في عالمنا العربي، أقول البعض وليس الجميع!...

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.