3

:: بيبلوس تودّع مهرجانها الدولي السنوي ::

   
 

التاريخ : 27/08/2015

الكاتب : ميشلين حبيب   عدد القراءات : 2047

 


 

 

 

ودّعت بيبلوس آخر حفل من حفلات مهرجانها الدولي السنوي لهذا العام يوم الثلاثاء الماضي مع الفرقة البريطانية ALT J التي فوجئت بالكمّ الكبير من معجبيها الشباب. أما في الأسبوع الأول من شهر آب فقد احتشد الجمهور اللبناني الذي يحب فنانيه والفن والموسيقى في المقاعد منتظراً هبة طوجي التي أطلت تحييّ الجمهور معبّرة عن حبها لبيبلوس وللمهرجان وللرهبة التي ما زالت تشعر بها على الرغم من تواجدها على خشبة مسرح المهرجان للمرة الخامسة. غنّت هبة بالعربية والأجنبية وقدمت أغنيتها الجديدة "يمكن حبّيتك" (التي أنا عالأكيد حبيتها). لكن من الواضح أن هبة الرقيقة الجميلة ترتاح أكثر بأداء اللون الأجنبي. هي فنانة جديّة تحب ما تقوم به وتحسن القيام به، صوت هبة يأخذنا معه الى حيث يريد ثم يعيدنا متى ينتهي، لكنها ربما لا تزال تبحث عن لون خاص بها.

 

أما الذي ميّز مهرجان بيبلوس هذا العام فهو إنتاجه لأوبرا Sacre Profane  للمؤلف الموسيقي الإيطالي بيرغوليزي Pergolesi خلال ليلتين متتاليتين 12 آب 13 آب وبذلك يكون مهرجان بيبلوس سبّاقاً في هذه المبادرة. يعتبر بيرغوليزي الذي توفي في سن السادسة والعشرين من أهم المؤلفين الموسيقيين الذين تركوا أثراً وإرثاً موسيقيين مهمَّين بالرغم من صغر سنه. 

تقول السيدة لطيفة اللقيس رئيسة المهرجان أن إنتاج هذه الأوبرا هدفه المحافظة على الجانب الثقافي للمهرجان وكذلك تعويد الناس على الأوبرا التي تُعد من أهم أنواع الفنون وأنهم اختاروا Sacre Profane بالذات لأنها مختلفة ومهمة جداً من الناحية الموسيقية والثقافية. بالإضافة إلى ذلك فإنها تتوافق مع الاحتفال باليوبيل المئوي التاسع لكنيسة القديس يوحنا مرقس وكذلك عيد انتقال السيدة العذراء.

احتفل بالجزء المقدس sacre من الأوبرا داخل كنيسة مار يوحنا مرقس بعنوان Stabat Mater ومعناها اللاتيني الأصلي "الأم كانت واقفة" وهي تصف آلام السيدة العذراء خلال وجودها عند صلب ابنها يسوع المسيح. هناك غنّت السوبرانو سمر سلامة بدور العذراء والكاونترتينور العالمي فابريس دي فالكو بدور يسوع المسيح بوجل وروعة على المذبح المضاء بالشموع ترافقهم فرقة ماريو الراعي الموسيقية التي أبدعت بمزج الشرقي مع الغربي بطريقة عالية الاحتراف بعيدة عن الابتذال الذي من الخطير جداً الوقوع فيه عند المزج بين هذين اللونين.

بعد ذلك انتقلنا إلى حديقة الكنيسة عبر الشارع المحاذي لنحتفل بالقسم الدنيوي Profane من الأوبرا يقودنا الممثل طلال الجردي الذي لعب دور Master of Ceremonies سيد الاحتفالات. القسم الثاني من الأوبرا وعنوانه La Serva Padrona هو العكس تماماً للقسم الأول حيث السيدة هنا تتألم للحصول على أمر دنيوي فهي تريد الزواج بسيد القصر فتحاول إقناعه والإيقاع به في إطار كوميدي. قامت سمر سلامة بدور سيربينا الخادمة وفانسان فانتيغام بدور أوبيرتو صاحب القصر وطلال الجردي بدور فاسبون رئيس خدمه.

عن هذه التجربة قال الجردي أنه تحدٍّ أراد خوضه والدور صعب إذ أن الشخصية صامتة طوال الوقت كما أنه شيء جديد لم يجربه من قبل لذلك لبّى الدعوة للمشاركة في هذا العمل. وأضفى طلال الجردي بشخصيته الكوميدية وذكائه جواً جميلاً ولطيفاً.

أما سمر سلامة فقالت أن جبيل هي بحد ذاتها مسرح وأنها المرة الأولى التي يقام فيها المهرجان داخل المدينة القديمة وفي شوارعها وليس على المسرح عند الميناء في مكانه المعتاد. وتوافقت الأوبرا مع الاحتفال باليوبيل المئوي التاسع لكنيسة مار يوحنا مرقس وأنها تحب جبيل جداً ومن لا يستطيع أن لا يحبها. كذلك عبرت عن فرحتها بالقيام بهذا العمل إذ أنها أرادت تقديم أحد أعمال بيرغوليزي بخاصة Stabat Mater وعن أهمية قيام المهرجان بانتاج مثل هذا العمل من الناحية الثقافية.

وعبّر الكاونتيرتينور العالمي فابريس دي فالكو عن فرحه الشديد بوجوده في هذه الكنيسة الجميلة كنيسة مار يوحنا مرقس هو الكاثوليكي المؤمن وبخاصة عندما علم أنها سميت تيمناً بالانجيلي مار يوحنا الذي عيّن أسقفاً على جبيل من قبل مار بطرس نفسه وقال أن ذلك يفسر السحر الموجود في تلك الكنيسة وعبّر عن تأثره بسيدة لبنان ومار شربل اللذين زارهما. وقال أيضاً أن مرافقة أوركسترا شرقية لهما في هذه الأوبرا كان شيئاً رائعاً ووصفه كذلك بالسبّاق وأنه سافر حول العالم لكنه لم يسمع مثل ذلك أبداً ووصف عزف الأوركيسترا بالممتاز والرائع وأنه لم يسمع مثل ذلك أبداً وأنها المرة الأولى التي يحصل فيها ذلك المزج بالعزف بتلك الطريقة الممتازة بين الموسيقى الغربية والشرقية في أوبرا. وأضاف أن فرصة تمكنه من تقديم Stabat Mater  بالذات أسعدته كثيراً وأضافت الكثير إلى مسيرته الفنية. وفابريس دي فالكو من الأصوات الفريدة الجميلة الذي شارك في أعمال مهمة وعالمية في الكثير من البلدان وهي المرة الثالثة التي يشارك فيها في عمل موسيقي في لبنان.

ذهبنا لنحلم وحلمنا في مهرجان بيبلوس التي تخبِّئ التاريخ في كل زواياها وحيث نسيم البحر وجمال قلعة جبيل التاريخية التي تقف شامخة وراء المسرح يأسرانا مع الموسيقى المحلّقة في الأثير. وننتظر أن يعود الحلم العام المقبل.

 

 

 


 

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.