3

:: إلى متى يستمر سلسال الدم العراقي؟ ::

   
 

التاريخ : 21/01/2017

الكاتب : مصطفى محمد غريب   عدد القراءات : 1335

 


 

 منذ حوالي (14) عاماً وسلسال الدم العراقي متواصل لم يتوقف ولا لساعة، دمٌ عراقي بدون تمييز ما بين دين ودين أو مذهب ومذهب أو وقومية وقومية، دمٌ في كل مكان ينزفه الفقراء وملايين الكادحين أصحاب الدخل الضعيف والعمال والفلاحين والمثقفين، هذا السلسال الذي له صلة حميمة مع (35 عاماً) من سنين عجاف حكمت الدكتاتورية البعثفاشية البلاد، وبصراحة "أبو كاطع" لم ينقطع سلسال الدم منذ انقلاب 8 شباط الدموي 1963 لحد هذه اللحظة باستثناءات زمنية معينة، لكن سرعان ما يعاد نهج تكتيم الأفواه وقتل الأنفس وتغييب أية معارضة حتى وان كانت مجرد فكرية، أما الكلام عن ما التهمته الحروب الداخلية  والحروب الخارجية التي كانت "مودة" للنظام الدكتاتوري السابق فحدث ولا حرج! وهو أمر طالما جعل المواطن العراقي يعيش كابوس الحروب والاضطهاد وحجب الحقوق والحريات ويقف بالضد منهم وبعد أن سقط النظام الدكتاتوري استبشر المواطن بالخير والسلام وانتهاء الفترة المظلمة التي عاشها منذ انقلاب (8 شباط الدموي) لكن التغيير الذي حدث بعد (2003) بالاحتلال وسقوط النظام جلب ويلات جديدة تراكمت بمرور السنين لتصبح كارثة تميزت عن الفترات السابقة بالقتل الطائفي والحروب بما فيها الحرب الحالية بالضد من داعش الإرهاب والصراع المسلح وتقسيم المجتمع العراقي وفق مفاهيم طائفية سياسية وتأثيرات دول الجوار وتجنيدها لقوى إرهابية ودينية وطائفية سياسية ابتكرت وسائل جديدة في فن القتل والإرهاب، فن الاغتيال والتدمير بالتفجيرات والمفخخات ثم الحرب الدائرة في القسم الغربي من البلاد وما حملته من ضحايا بريئة في العرف الإنساني وتدمير للبنى التحتية لم تشهدها البلاد في كل تاريخ بناء الدولة العراقية الحديثة، تنوعت الجرائم ولكن على قاعدة القديم من الإرهاب الفكري والجسدي وبأسلوب يكاد يضاهى القديم من حيث عنفه وقسوته ويعد بمصاف الجرائم الكبيرة ضد الإنسانية، هذا القتل والتدمير الذي نشهده منذ مجيء الطائفية السياسية والقوى الإرهابية والميليشيات المسلحة المنفلتة، قتل بالجملة حتى امتلأت الأرض ثبوراً، وشهد العراق فواجع بشرية بآلاف الضحايا وأكثرهم من المدنيين الأبرياء راحوا ضحية الإرهاب والاقتتال الطائفي وتكبد الشعب العراقي بجميع مكوناته الدينية والقومية والاثنية خسائر لا تقدر بثمن بسبب سياسة المحاصصة والاستهتار بالسلطة، ولم تكن هذه السياسة إلا سياسة دق إسفين بين مكونات الشعب باتجاه تأزم الحياة السياسية والاجتماعية وخلق حالة من الانقسام النفسي وصولاً إلى التقسيم الجغرافي والقومي على الرغم من النكران وإطلاق الشعارات الوطنية والادعاء برفض النهج الطائفي والعمل من اجل الوحدة الوطنية باتجاه التخلص من الإرهاب بكل أنواعه ومنعطفاته واتجاهاته وفي سبيل الاستقرار الأمني وهي ادعاءات تمويهية لخداع وعي الجماهير، ونسمع بين الحين والحين عن تحسن في الوضع الأمني وهناك من يفلسفه على طريقة الحسابات الالكترونية وإطلاق المقارنات بالأسابيع أو الشهر الحالي أفضل والسنة السابقة أتعس وهذه التصريحات دأبت طوال السنين السابقة  تتبني هذا النهج وهذه الدعاية الإعلامية والكذب ومحاولات تغييب الواقع المزري وفبركة الأخبار تحت طائلة الاتهام بالإرهاب أو معاداة العملية السياسية أو العداء الطائفي والعداء للحشد الشعبي وممارسة الاضطهاد والعنف والاعتداء والخطف حتى الاغتيال من قبل أجهزة حكومية تابعة لأحزاب وميليشيات مسلحة لكن بوجهات تصور وكأنها خارجة عن إرادة الحكومة، وبالمحصلة النهائية نجد أن الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية وقضايا الفساد من سيء إلى أسوأ لم تتحسن قيد أنملة على الرغم من الدعم الشعبي والوطني للقوات العراقية المشتركة الذين يقاتلون داعش الإرهاب ويحققون الانتصارات عليه بتضحيات جسيمة، إلا أن التوجه نحو الصراع بين القوى المتنفذة مازال قائماً بالرغم من الادعاء بغير ذلك والمحاولات اليائسة بان كل شيء على ما يرام بينما نلمس إن الخلافات ليس شكلية فحسب بل جوهرية تشمل جملة من القضايا وهذا ما ينعكس على أداء الحكومة والمؤسسات التابعة لها حتى الأمنية منها، كما انعكس على الإهمال واللامبالاة وأحياناً التغاضي عن الواجبات التي تقع على عاتق الأجهزة الأمنية بسبب الفساد المستشري في مرافق الدولة والتجاوز والسرقات التي طالت المال العام أو النفط وغيرها وقد كشف مؤخراً عن سرقات في المجال النفطي وبالذات في البصرة قدرت قيمتها بـ(20) مليون دولار. وفي هذا الصدد كشف صادق المحنا عن وجود سرقات عن طريق عدادات النفط في محافظة البصرة ونشرته السومرية/ نيوز بغداد في 15/1/2017 "تتراوح ما بين 100 و 300 ألف برميل يومياً، مبينا أن قيمتها تقدر بنحو (20) مليون دولار" ، وأشار صادق المحنا في مؤتمره الصحفي الذي عقده في مبنى مجلس النواب مع النواب ماجد شنكالي وعلي الفياض وغادة الشمري إن "ما بين 100- 300 ألف برميل نفط يسرق يومياً من عدادات النفط غير المنضبطة في البصرة والتي تصل قيمتها إلى (20) مليون دولار أي بما يعادل سبعة مليارات دولار سنويا"،  موضحاً أن "الباخرات التي تخرج من الميناء تكون محملة بضعف حمولتها المسجلة"،  وأمام هذه الحالة التي لم تعد غريبة على مسامعنا ومسامع  شعبنا وجميع الخيّرين الوطنيين حيث السرقات والتجاوزات على المال العام بلغت عشرات المليارات بينما تحاول الحكومة الاستدانة والبحث عن قروض كما أكده النائب صادق المحنا ونحن نتفق معه بشكل كامل أن "الحكومة تبحث عن قروض بمليار، بينما يُسرق سنوياً من نفط العراق سبعة مليارات دولار"، إضافة إلى الاختراق الأمني في أكثر الأحيان وهذا ما تؤكده التفجيرات والمفخخات والاغتيالات وحالات الخطف، والسرقات والسطو المسلح التي تصاعدت مؤخراً والتي نشرت عنه جريدة طريق الشعب في عددها (106) الأربعاء 18/1/2017 لا وأكدت أنها من قبل "أرباب السوابق لكن وقوف عصابات وراء عمليات السطو على المنازل". هذه الجرائم التي تكاد أن تكون خبزاً يومياً للمواطن إضافة للأوضاع الاقتصادية المتردية والبطالة والفقر الذي يتصاعد بشكل كبير وكشفت وزارة التخطيط  يوم الاثنين 16/1/2017 ، حيث قال عبد الزهرة الهنداوي المتحدث باسم وزارة التخطيط (للمدى برس)، إن "التقديرات تشير إلى أن نسبة الفقر في االعراق قد ارتفعت إلى 30% خلال العام الماضي 2016 بعد أن كانت 22% في آخر مسح أجرته وزارة التخطيط في العام 2014" هذا هو حال العراق البلد المعروف بثرائه النفطي وغير النفطي.

إن سلسال الدم المتواصل أصبح عبارة عن مسلخ بشري من صنع أولئك الذين ينتمون لأحقر فكر وأيديولوجية فاشية أو قومية أو دينية وليس لها صلة البتة بأي شيء إنساني، وهذا المسلسل الذي أصبح مشروعا في عرف المجرمين أصحاب الضمائر الميتة لا يمكن أن يكون إلا بهذا الشكل المرعب المملوء بالدم الإنساني وبوجود من يساهم ويساعد على استمراره لتبقى الفوضى وعدم الاستقرار الأمني مما يساعد على استمرار فرضية العداء الطائفي وتوجيهه بالضد من أية معارضة أو خلاف في الرأي، فليس من المعقول أمام هذا الكم الكبير من الأجهزة الأمنية المختلفة وهذا الحشد الشعبي والميليشيات المسلحة ويبقى مسلسل التفجيرات اليومي يخلق الخوف والرعب وعدم الأمان عند المواطنين، فلا يمر يوم بدون التفجيرات وبخاصة العاصمة بغداد، ولا يمر يوم لا بل ساعة والضحايا بالعشرات من المواطنين الأبرياء والدمار والتخريب في البنى التحتية، لا يمر يوم بدون أصوات التفجيرات تهز العاصمة ومناطق أخرى بدون تمييز إرهابي أو طائفي لتأليب البعض بالضد من البعض الآخر أو المكون ضد المكون الأخر،  ليتسنى تمزيق ما بقى من وحدة وطنية وتكاتف شعبي بين المكونات بهدف  إضاعة أي أمل لنجاح مشروع الدولة المدنية الوطنية ومن اجل إحياء مسلسل بناء الدولة الإرهابية الدكتاتورية التي تقوم على مسلسل الدم العراقي المستمر والذي نشهده بشكل ملموس كل يوم، مسلسل الدم الذي يجب أن يقف ضده كل مواطن غيور ووطني عراقي ويتحمل مسؤولية مكافحته والانضواء تحت الرفض الجماهيري بالضد من الطائفية والفساد والإرهاب والميليشيات الطائفية المسلحة الذي بدأ في ساحة التحرير أو أية ساحة في المحافظات الأخرى وصولاً لتحقيق الاستقرار والأمان.    

 

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.