3

:: الأسباب والنتائج لكارثة احتلال الموصل ::

   
 

التاريخ : 05/02/2017

الكاتب : مصطفى محمد غريب   عدد القراءات : 1281

 


 

 

من حقنا أن نقول عن تسليم الموصل والمناطق الأخرى لداعش الإرهاب أنها كارثة بالمعنى الصحيح ستبقى آثارها المأساوية سنين طويلة، ومن حقنا أن نسال ـــ لماذا "طمطم*" التحقيق وأصبح في خبر كان؟ ومن حقنا أن نطالب بضرورة الكشف عن حيثيات التحقيقات السابقة ونتائجها والمتهمين الذين يتحملون مسؤولية تسليم الموصل والمناطق الأخرى؟ هذا الطلب الذي يرتبط بمصير البلاد وما آلت إليها الأوضاع من فواجع وضحايا بشرية تقدر بالآلاف ودمار وفساد كلف المال العام، مال المواطنين المليارات من الدولارات غير المعروفة والمقدرة فقط، هذا الطلب الذي يمنح أي مواطن عراقي حق الإطلاع ومعرفة الحقيقة التي سعى البعض من القوى المتنفذة إلى طمسها وتفريغها من محتواها لتكون تحقيقات مقيدة بالقرارات السياسية لخدمة القوى السياسية صاحبة القرار والسلطة، الملامة وحدها لا تكفي ومبادلة الاتهامات طريقة للتمويه وهذا ما حصل منذ بداية مشكلة الصراع اللامبدئي للاستحواذ على كامل السلطة وبخاصة من قبل ائتلاف دولة القانون بقيادة نوري المالكي المساهم الأول في تسليم الموصل والمناطق الأخرى لداعش الإرهاب وهذا الاتهام ليس محصوراً بقوى وأحزاب عراقية فحسب بل من دول عربية ودول أجنبية وهذا الاتهام هو السبب الرئيسي لإبعاد نوري المالكي من رئاسة الوزراء وإبداله بحيدر العبادي لكي لا تفلت قيادة السلطة من يد حزب الدعوة ومن ثم ائتلاف دولة القانون وتحت مظلة التحالف الوطني الشيعي، الكارثة التي أصابت ليس ثلث العراق فقط بل كل العراق مازالت تتفاعل بتداعياتها السوداء وفواجعها التي لم تسلم منها أي منطقة أو بقعة إلا ودفعت الثمن باهظاً من أبنائها ومواردها واقتصادها حتى نسبة الفقر ازدادت حسب إحصائيات معترف بها حوالي 30% نتيجة للكارثة والازمة التي تفاعلت أكثر بعد هيمنة داعش الإرهاب وقيام الحرب المستعرة، إلا أن الكثير من الأسئلة التي طرحت بقت في دائرة الأسئلة فقط بدون أجوبة شافية عن مسؤولية ما جرى ويجري على الرغم من وضوح الرؤيا وتوجيه أصابع الإدانة والاتهام لرئيس الحكومة السابقة وقادة رجال الجيش في الموصل وغيرهم من القادة الأمنيين والسياسيين وفي آخر الأمر حتى الإدارة الأمريكية السابقة الحليفة لنوري المالكي التي ركزته في السلطة فلقد فكت عقدة لسانها بشكل صريح على لسان وزير الخارجية جون كيري ونقلتها " وكالات " يوم الأربعاء 18 / 1 / 2017، ولام وزير الخارجية جون كيري في مقابلة صحافية رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي قائلا، إنه عمل على تشكيل ميليشيات طائفية مما أضعف القوات في الموصل لتهرب منها أمام داعش مما سهل سقوطها، ثم أضاف إلى أن "نوري المالكي تسبب في جانب كبير من مشاكل العراق وبنى جيشا طائفيا ومنقسما". هذه الحقيقة تعرفها اكثرية القوى السياسية والدينية داخل الحكومة أو خارجها بما فيها قوى مهمة في التحالف الوطني الشيعي، البعض منها سكت ومازال يسكت وقسماً يدين ويتهم ولكن بخجل، وآخرون يشيرون بصراحة ودون أي لبس نحو شخص نوري المالكي والبعض ممن معه في ائتلاف دولة القانون أدركوا هذه الحقيقة لكن تحالفهم يمنعهم من المطالبة بعرض القضية على البرلمان أو السلطة القضائية وعندما حاولت اللجنة القانونية في البرلمان إجراء البعض من التحقيقات بقيادة النائب الزاملي تم الالتفاف على التحقيق وتسفيهه ولملم الموضوع "ببوس الشوارب وتزاوج المصالح" ومع ذلك فكل القوى الوطنية والديمقراطية وأكثرية المواطنين يعرفون المسبب الحقيقي، فليس من المعقول عند هزيمة عسكرية أو خسارة جزء من ارض الوطن وهروب حوالي (3) فرق عسكرية بمعداتها والياتها وأجهزتها العسكرية وقيام حرب مدمرة ونتائجها المأساوية من ضحايا ومفقودين يعدون بالآلاف وضمنهم حوالي أكثر من 1600 شهيد من البيشمركة، أما الهاربين والنازحين من المواطنين في المناطق الساخنة فهم يعدون بمئات الآلاف حيث يقطنون العراء والمخيمات السيئة، كل ذلك يحاول البعض أن لا يتحمل المسؤولية رأس الدولة الذي هو رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة وقادة عسكريين كبار كان خلف تعيينهم القائد العام وأيضاً تكليفهم بالمهمات العسكرية وإذا بهم يتركون فرقهم وقطاعاتهم العسكرية هاربين مستبدلين ملابسهم العسكرية بملابس مدنية بينما توزع اتهامات بائسة بعيدة عنهم، لقد نشرت اتهامات مباشرة في18/1/2017 ونشرتها شفق نيوز من قبل الفريق جمال محمد رئيس أركان قوات الپيشمرگة أثناء لقاء خاص مع مجلة گولان "أن سياسة المالكي وطغمته الفاشلة وخاصة القادة‌ العسكريين منهم هي التي جلبت داعش الذي تسبب في كل المآسي والخراب التي تعرض لها العراق عامة "

بكل صراحة هذا هو القول السليم الذي قيل عن المسبب في جلب داعش الإرهاب وتمكينه منذ البداية بسبب السياسة الطائفية التي انتهجها نوري المالكي أثناء الاعتصامات والمظاهرات التي طالبت بالإصلاح ومحاربة الفساد وتطهير الأجهزة الأمنية المخترقة وبدلاً من التوجه لمعالجة الأخطاء والممارسات السلبية اعتمد نهج العصا الغليظة التي دفعت الكثير من فئات المجتمع المحايدة إلى الوقوف بالضد من نوري المالكي مما ساعد داعش الإرهاب على توسيع نفوذه وإيجاد طرق وأساليب لخداع وعي الناس وليس هذا فحسب فقد كانت التصرفات المنافية للقوانين وحقوق الإنسان والنهج السيئ الذي اتبعته الأجهزة الأمنية والقادة العسكريين في الموصل عبارة عن وضع الزيت على النار مما زاد من أوارها واتساع رقعتها. في هذا الصدد أكد الفريق جمال محمد أنها "جاءت نتيجة التصرفات الشوفينية للقادة العسكريين التابعين للمالكي وتصرفاتهم المشينة والسيئة مع المواطنين في الموصل والمنطقة والتي جعلت المواطنين الموصليين والمحافظات الأخرى يشمئزون منها ودفعهم إلى عدم إبداء أي مقاومة لهجمة داعش، بل واستقبالهم". وهو رأي أكدنا عليه منذ البداية وقبل تصريحات الفريق جمال محمد والعديد من التصريحات المتأخرة.

إن أسباب الكارثة ونتائجها التي حلت ومازالت وهيمنة داعش الإرهاب على مساحات واسعة من ارض الوطن وتدمير واسع النطاق "بشرية أو اقتصادية" هي بسبب السياسة الطائفية الرعناء التي سلكتها القوى الطائفية وبخاصة ائتلاف دولة القانون وأثناء رئاسة نوري المالكي الذي أثبتت الوقائع ارتباطاته الخارجية غير الطبيعية وقد كشف تقرير نشرته وكالة (أرنا) الرسمية الإيرانية أثناء زيارة نوري المالكي الأخيرة مدى عمق هذه العلاقة والتفاهم المشترك حول قضايا عراقية وعربية وأكدت أن " نوري المالكي الذي يعد حليفا صلبا للجمهورية الإسلامية الإيرانية يحظى بدعم طهران على الدوام" وفي ختام هذا التقرير المهم أكد على "ولذلك نجد المالكي ذلك الزعيم السياسي المقرب من الجمهورية الإسلامية الإيرانية والذي يحتفظ بعلاقات طيبة ووثيقة جدا مع طهران وان زيارته لإيران تندرج في إطار الأجواء الانتخابية في العراق وقضية تحرير الموصل وحلب".

ــــ لا نعرف لماذا تهتم إيران بالأجواء الانتخابية العراقية وقضايا تحرير الموصل وحلب ولا تذكر فلسطين التي هي شماعة يعلق الساسة الإيرانيين أرائهم وتصريحاتهم عليها ويهددون بإزالة إسرائيل!!

 ونسال ــــ هل تسمح إيران لنوري المالكي أو غيره أن يناقش الأجواء الانتخابية في إيران؟ فلماذا يسمح بالعكس؟ أليس هذا سؤال وجيه يطرح على أي مسؤول عراقي له علاقات خاصة مميزة مع أي دولة خارجية وليس إيران فحسب!

إننا لسنا بالضد من أي علاقة طبيعية مع دول الجوار بما فيها تركيا وإيران على شرط عدم التدخل في الشؤون الداخلية وأن يكون هناك الاحترام المتبادل لعلاقات الصداقة على أسس متكافئة لمصلحة الشعب العراقي ومصالح الشعوب الأخرى لكننا في الوقت نفسه ندين التدخلات بأي شكل كان "سياسياً أو طائفياً" التي تُشجع من قبل سياسيين عراقيين وكأنهم إيرانيّو الجنسية بحجج واهية وتكال بمكيالين بين دولة وأخرى مثلما يحصل مع تركيا وإيران، فبدلاً من الاعتماد على مثل هذه المصادر إعادة الثقة بمصادر الشعب والاعتماد عليه للوقوف ضد من يتسبب في أذية العراق وفي أذيته للشعب العراقي، الوطنية هي التي ترى مصلحة البلاد فوق أي مصلحة ذاتية ومصلحية وتهدف لخدمة مصالح الشعب والوطن ليس إلا..

 

* طمطم.. عامية دفن بالتراب

 

 

 

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.