3

:: فؤاد الخشن.. شاعر الريف اللبناني ::

   
 

التاريخ : 26/11/2009

الكاتب : شاكر فريد حسن   عدد القراءات : 2638

 


  

فؤاد الخشن.. شاعر الريف اللبناني

بقلم: شاكر فريد حسن

 

في صيف العام 2006 غادر الدنيا فؤاد الخشن، الشاعر اللبناني الرومانسي المتأمل في الحلم الطويل، والملاح المبحر في شوارع الغربة والكلمة والإيقاع المضمّخ بعطر الموسيقى وأريج أزهار الجبل، وسيّد قصيدة التفعيلة الآتي من الشويفات جارة البحر وغابات الصنوبر، وبلد اللوز والزيتون.

 

 

 

خرج فؤاد الخشن من بطن أمه سنة 1925 وتخرج من دار المعلمين ومارس التعليم ثم تزوج من الشاعرة "ادال الخشن" ونزح الى فنزويلا وظل فيها حتى العام 1960 ثم عاد الى لبنان.

ولع الخشن بالكتابة الأدبية منذ نعومة أظفاره، ونشر الكثير من نتاجه الإبداعي، الشعري والنثري، في مجلتي "الأديب" و"الأداب". وتركزت موضوعاته في الحب والغزل والوطن والريف، وتغنى كثيراً بالطبيعة اللبنانية الخلابة والأخّاذة بكل بساطة وصدق وعفوية.

للخشن عدد كبير من المجموعات الشعرية، نذكر منها: "سوار الياسمين"، "غابة الزيتون"، "أدونيس وعشتروت"، "معبد الشوق"، "الهوى وحديث العيون الملثمة"، "سدوم والوجه الأخير" وغير ذلك.

فؤاد الخشن شاعر مرهف وخصب الخيال، غازل النجوم وناجى القمر وغار منه، وغنى اللحن الأبدي، وغاب وراء أحلام غادة حسناء من جنيف، وتفيّأ في ظلال شجرة تعشش في أفيائها عنادل وحساسين لبنان. وقد عاش ذكرى الماضي وحنّ الى وطنه، وطن عشتروت وأدونيس، وتجدد مع الحياة حاملاً الغيم والعشب والبحر والليل والشجر والأرز والنخيل.

اشتهر الخشن بقصائده الريفية الرعوية أو ما يسمى في الغرب بـ"الايديليا"، واستقى موضوعاتها من سحر الريف البناني وجمال الشوف ونضرة البحر وأمواجه، فسالت كلماته الرقيقة الدافئة المعبرة عن تجربة انسانية مستمدة من الحياة والناس والطبيعة والوطن والحب والجمال. وطغت على أشعاره العاطفة العميقة الصادقة، ومن هذه العاطفة الملتهبة أستمد معانيه، وقدّم لنا عصارة قصائده الممتلئة بالحياة والعشق والخيال الرومانسي، بأعذب وأرق الصور وأكثرها إثارة وإحساساً بالطبيعة. وأتّصف أسلوبه بالحساسية المرهفة ولغته بالوميض والكثافة والاكتناز.. ولنسمعه يقول في هذه الأبيات من "سوار الياسمين":

وردةٌ ذاك!! أم فــم؟      أم من النــار برعم

حرق الشـوق لاهـثاً       والأمــاني تغمـغم

خلف ظلٍّ من الأسـى       طـاف فيـه  يهـوّم

بسمة الجرح من رأى       شفـة الجـرح  تبسُم

هو في البـوح لهـفة       وصــلاة  تُتـَمْـتَم

وأذا ضُـمَّ خـِلـْتـَه       زرَّ وردٍ  يـكـْتــم

يخـنـق الشـّـوق فـي شفـاه يلـظى بها الدم

حيث تخبـو ابتسـامة      مـات فيـها التّرنـُّم

 

صفوة القول، قصائد فؤاد الخشن مزيجٌ من المشاعر والأحاسيس والرؤى المشفوعة بالحلم الوردي والإنساني، وتتجلى فيها روحه المعذبة القلقة، ومهجته الثائرة المتأججة، وهي عميقة وصافية وشديدة الحرارة ومطعمة بشاعريته المتوهجة ذات الإحساس العالي بالأشياء.

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.