3

:: أنا عميد أصغر عيلة في لبنان! ::

   
 

التاريخ : 20/03/2010

الكاتب : أنطوان السبعلاني   عدد القراءات : 619

 


  

 

 

-1-

هذه العيلة الكريمة هي السبعلاني.

أما عدد أبنائها النجب فأربعة أشخاص، ونصف الشخص: "الداعي"، وأولادي، بيار، وشادي وناتالي، وزوجتي التي التحقت "بشرف" العيلة. فكان لها نصف شرف ما لنا.

أقول العيلة الكريمة، مستمداً قوة الكلمة، من قول السموأل الجاهلي:

"إن الكرام قليل"

وما عليَّ، فإن وزارة تربيتنا، تحب الجاهلية كثيراً.

 

-2-

أعمار بيت السبعلاني، كلها، في حدود، المئة سنة.

في ضيعتي سبعل، ليس من بيت غير بيتي، يحمل اسم هذه العيلة، وليس في لبنان، وافترض أن ليس في العالم، بيت السبعلاني، وإلا كان، بيننا وبينه، نسب.

الأغرب، أن إخوتي، لأبي، وأمي، ليسوا من آل السبعلاني، بل الخوري، ذلك أنني أخذت حكماً من المحكمة بزيادة الأصل: السبعلاني، على الفرع: الخوري. أعني انسلخت، من أكبر عيلة، في لبنان، لأنطلق، من الصفر، في تأسيس العيال، وما أنا بمخصاب، فانتهى بنا الأمر إلى ذاك العدد!.

كثّر الله عيال الناس وعيلتنا.

 

-3-

وأضحك حين تحدثني عجائز الضيعة عن أن آل السبعلاني هم بنوا سبعل.

فأظنني المنصور، باني بغداد، "وأن كسرى معاطي".

أظنني واحداً من البوربون، أو الهابسبور.

ومشكلتي أنني لا أعرف أحداً من جدودي الذين "عمموا بالشمس هاماتهم".

تاريخ العيلة يبتدئ عندي، مع والدي الرحيم، الذي إعجابي به لا حدود له. والدي هواش تعرفه الضيعة كلها، حلاّل مشاكل الناس، لوجه الله. عاش عمره مديوناً، كان يلعب بليرة، بليرتين بالقمار، باع أملاكه، ليشتري علما لأولاده، يوم العلم لأولاد "الكبار". وأخشى على هذا التصنيف أن يعود، في وجه آخر، إلى مدارس لبنان، لجنون أقساطها.

أما والدتي القديسة، فتركتنا في ليلة مظلمة، وظالمة، وراحت إلى السماء، واضعة تحت مخدتي مسبحتها الكبيرة. تركتنا منذ سنتين.

أما جدتي، لأمي، فتعرفت الى اسمها عام 1975، مع بداية الحرب، عبر مصلحة الانعاش التي وعدتنا بالإعاشة، ولم تفعل. ولست أدري لأي سبب يسألون في دوائر الدولة التركية العقلية، عن اسمَي الجدين، والجدتين.

 

-4-

من سنين، كان مشروع زواج، بيني، وبين فتاة، قالت إنها تحبني.

عند زيارتي الأولى لأهلها، وقفت أمها أمام شجرة العيلة، وراحت تنقلني، من غصن، إلى غصن، حتى انتهى بها المطاف، إلى المناذرة. وهزّها الزهوّ.

قلت: لعن الله النابغة، فاتح أول دكان للشعر.

قالت "ملكة الحيرة": أحدثك عن المناذرة، يرجع أصلنا إلى المناذرة.

قلت: تشرّفتُ يا سيدتي وأنا من لا يرضيك، عند النّسب. وطار مشروع الزواج، وطارت حكايات الحب، وعاشت بعض القصائد.

وما ضرّني أنني ما عملت، لأكون صهر الملك، النعمان!

مهيار الديلمي، المتنبي، حتى ابن الوردي، أسماء تمر ببالي الآن...

على ذكر الزواج، كان نصيبي امرأة من السريان، في بيروت، لا تعرف عن جدودها أكثر مما أعرف عن جدودي.

 

-5-

في لبنان عادة لا أحبها، وهي ما يعرف برابطة العيلة، على مستوى الوطن بكامله. وهذا يذكّرني بالعصبية القبلية، مع فارق كبير، هو أن عصبية القبائل، كانت مقبولة في عصرها، ونحن لا نرى لها سبباً، على حدود سنة 2000.

وهل من خائف من أن "يفرد إفراد البعير المعبد"؟.

عام 1968، كان في لبنان انتخابات نيابية. ما أحلى هاتيك الانتخابات على علاّتها!.

 صديقي، عاطف كرم، نقيب المعلمين إذ ذاك، قال لي:

يا أنطوان، أريدك أن تهتم بأسعد بك كرم.

قلت له: يا نقيب، ما دخلك أنت، ابن جزّين، في انتخابات زغرتا؟.

أجاب: بيت كرم في لبنان عيلة واحدة، وعندنا رابطة تجمعنا.

قلت: خير لك، أن لا تهتم بانتخابات زغرتا، وعلى كل حال، أسعد بِكْ صديقي؟.

وأذكر أنني قصدت إلى ضيعتي، يوم الانتخابات، في صحبة والدتي.

في طريقها إلى صندوق الاقتراع، قالت لي العجوز: من تريد أن أنتخب يا أنطوان؟.

أجبت: انتخبي من تريدين يا أمي.

قالت: أنا لا أقرأ، ولا أكتب، أعطني الورقة التي تريد أن أرميها في الصندوق.

ورحمة ترابها الطاهر، لم أفعل، ولم أعرف من انتخبَت.

كل الذي أعرفه، أنها بصمَت بإصبعها. وكانت تفاخر بذلك، هي التي كانت تحرّض والدي على بيع بساتين الزيتون، والكروم، ورهن البيت، لدفع القسط المدرسي.

 

-6-

صديقي الذي أحب، ورفيقي اليومي، الشيخ ناصيف الشمر، متعلق بتاريخ العيلة، في شكل مذهل. في مكتبته، تواريخ بيت الشمر. ولو أن كتاباً، في الصين، يذكرهم، لسافر بنفسه إلى هنالك، ليطلع عليه. وعلى رغم التناقض بيننا في هذا الموضوع فأنا أحبه كثيراً، لأن المشيخة عنده، كلمة ليس أكثر. يبيعها، بكأس من العرق، عند اللزوم.

 

-7-

 

في بلدي الحبيب، لبنان، القائم على العلاقات، والعصبيات، أزجّ بعيلتي، ذات الخمسة أشخاص تقريباً، لتؤدي دورها، ومشوارها. وشعاري: "ما دمتَ محترِماً حقي فأنت أخي".

أمنيتي أن لا يشعر أولادي، عندنا يكبرون، بمركّب نقصٍ، ليس في أمهم، ولا أبيهم.

 

هذا المقال مستلّ من كتاب "رسالات حب كثار" الذي يوقّعه الكاتب في الحركة الثقافية، انطلياس، يوم غد 21 الجاري.

 

بيت بمنـازل كـثيرة
النهار – 20 آذار 2010

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.