3

:: لبنان مهد الحضارات وقبلة السياحة الثقافية ::

   
 

التاريخ : 20/4/2010

الكاتب : د. شادي شمالي   عدد القراءات : 7824

 


 

لبنان مهد الحضارات وقبلة السياحة الثقافية

د. شادي شمالي

يقول عضو الأكاديمية الفرنسية المؤرخ غابريال هانوتو "ان لم يكن لبنان أعلى قمة في الجغرافيا، فهو من دون جدال اعلى قمة في التاريخ". ويوافقه الرأي نظيره (الفرنسي ايضا) بول موران، الذي يقول: "جاء زمن كانت فيه صيدا وصور كل تاريخ العالم". امّا صاحب كتاب "تاريخ الحضارة" الفيلسوف الأميركي ويل ديورانت، فيقول: "أعظم هدية قدّمها الانسان الى نفسه هي ابجدية قدموس".

ونقرأ في كتاب "لبنان في التاريخ" للمؤرخ الدكتور فيليب حتي: "عند مصب نهر الكلب –على مسافة بضعة اميال من بيروت شمالا- حيث يغسل الجبل قدميه عند البحر، خلّف لنا الزمن على صفحة الصخر الكلسي 19 نقشاً كتابياً بـ 8 لغات، بدءا بالمصرية القديمة، فالأشورية، فالبابلية، فاليونانية، فاللاتينية، واخيراً بالفرنسية والانكليزية والعربية (...) وينتهي عهد هذه النقوش بنقش عربي اقامه لبنان على صفحة صخره تخليداً لذكرى جلاء آخر جندي من جنود الانتداب، وذلك في 31 كانون الأول سنة 1941. فهل ثمة في الدنيا متحف كهذا المتحف المقام على صخرة في العراء، يشتمل على كتابات وتماثيل للآلهة وللملوك، تفتح امام ناظري الزائر-المتفرّج كوة صغيرة يطل منها، ويستعرض مواكب هذا التاريخ المتنوع الألوان؟" (...) "ان تاريخ لبنان مديد يشمل فترة من الزمن مدتها أكثر من خمسة آلاف سنة (...) فأي شعب يحق له ان يدّعي انه وريث العصور كلها كما يحق للشعب اللبناني ان يدّعي؟".

ملتقى الشعوب

يقع لبنان على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط وسط قارات العالم الثلاث آسيا وأفريقيا وأوروبا. وقد أعطاه هذا الموقع أهمية ممتازة منذ القدم، فكان ولا يزال نافذة الشرق الأوسط على البحر الأبيض المتوسط والباب الذي تدخل منه حضارات المتوسط إلى الشرق العربي. فهو بذلك ميدان التفاعل الاقتصادي والحضاري بين الشرق وعالم المتوسط، ويضطلع بدور الوسيط بينهما، لذلك فقد ازدهرت فيه العلوم والحضارات منذ القدم ومنه انتشرت إلى أرجاء المنطقة الممتدة على طوال السواحل المتوسطية.

ويثبت التاريخ أن لبنان كان منذ أقدم العصور ملتقى شعوب كثيرة من المناطق المجاورة ومن حوض البحر المتوسط، هذه الشعوب، التي استقرت فيه أو مرّت فيه تركت لها في أرجائه آثاراً أو حضارات دلت على وجودها. وأهم المناطق الأثرية التي تدل على ذلك مدينة بعلبك التي تعتبر جميعها منطقة أثرية مليئة بالكنوز والآثار الرومانية والإسلامية القديمة. وعلى الساحل نجد مدينة صور التاريخية التي تعد عاصمة الفينيقيين القدماء، منها انطلقوا نحو كافة أرجاء البحر المتوسط، وكذلك مدينة جبيل (بيبلوس) الساحلية في الشمال.

تحليل جينوغرافي

قام الدكتور بيار زلوعا (المختص في دراسة الحمض النووي والمدرس في الجامعة اللبنانية الأميركية ومدير قسم الشرق الأوسط في المشروع الجينوغرافي) بإجراء دراسة حديثة ضمن مشروع Genographic Project التابع لمؤسسة "ناشيونال جيوغرافيك"، الذي يهدف إلى دراسة حركة هجرة الشعوب تاريخياً. وقد تمكّن من تحديد جينة "عنصر الوراثة" تميّز الشعب اللبناني يطلق عليها علمياً اسم الـJ2، التي تتركز على ساحل الهلال الخصيب وفي محيط المتوسط، وتتداخل فيها جينات عديدة أخرى، ما يشرح تزاوج الشعوب بعضها ببعض.

وقال في هذا الصدد: "جينياً أي علمياً، يستحيل تقسيم الشعب اللبناني. فـ 99 % من أبنائه يحملون جينة J2 التي وصل حاملوها إلى هذه البقعة من العالم قبل نحو 10 آلاف سنة، أي مع بداية عصر التحضر (الانتقال من حالة الترحال إلى حالة الإقامة). وسكنوا هذه الارض وأنشأوا قراهم ثم مدنهم، وهاجر بعضهم إلى أماكن أخرى من حوض المتوسط، حيث بنى مستوطنات وخلّف هناك آثاره وجيناته. فالجين J2 موجود في كلّ المدن التي استخدمها الفينيقيون في حوض المتوسط، من قرطاج إلى صقليّة ومالطا...

واكدت الدراسة أن الفينيقيين والكنعانيين هما تسميتان لشعب واحد، كما ان ابحاث أخرى اشارت إلى انتشار الحمض النووي mtDNA Haplotype U6b في مناطق مختلفة في شمالي أوروبا وغربي أفريقيا مما يدل على تواجد الفينيقيين في تلك المناطق.

"رسالة الحضارة"

في متحف اللوفر، يجد الزائر لوحة محفورة تمثّل رجلاً فينيقياً يسلًم "رسالة الحضارة" الى اغريقي، يسلّمها بدوره الى روماني، لتنتقل منه الى سائر شعوب الأرض.

هذه اللوحة، وان كانت شهادة اعتراف بالدور الريادي لبلاد "ارز الرب"، فانها تبقى عاجزة امام "أكبر مكتبة في الدنيا"، ممتدة –راهناً- على مساحة 10452 كيلومتراً مربعاً، كل حبة تراب فيها "تحفة" وكل نقطة ماء "اسطورة رقي ومجد وعطاء"، من أول مدينة، الى أول مدنية، فالى أول مملكة، وأول جمهورية، وأول حرف، وأول سفينة وأول ديانة توحيدية، وأول اشارة طب (أشمون) وأول علم ذرّة... وأول "الأول" في كل ما يمكن ان يخطر على بال.

ورد اسم لبنان في كتاب التوراة مئات المرات مقروناً بصفات ونعوت عدّة منها: "جبل الله المقدس"، "بستان الله". و"جنة عدن"، كما ذكره نشيد الاناشيد الذي يقول: "هلمي معي من لبنان".

وورد اسم لبنان في ملاحم اوغاريت، وفي رسائل تل العمارنة وعرف به باسم "ارض الله" و"ارض ايل" وسماه المؤرخ الفينيقي المشهور سنكونياتون كما ورد في ترجمة فيلون الجبيلي "كنعان" وذلك في الاف الثالث قبل الميلاد.

اننا عندما نذكر اسم لبنان، نذكر معه الشعب الكنعاني (الفينيقي) ونتذكّر "اوروب" ابنة ملك صور، التي سُميت القارة الاوروبية تيمنا باسمها وتخليداً لفضائلها ومآثرها، كما نتذكر شقيقها قدموس "معلم العالم" وناشر نور المعرفة في الآفاق المظلمة.

ونتذكّر تور الجبيلي، الذي حملت التوراة اسمه واسم مدينته "ببل"، أو ما بات يعرف اليوم بـ "بيببلوس" (جبيل)، واليسار "ملكة قرطاج"، وحيرام أبي الذي عمّر قصر داود وهيكل سليمان (ع) الذي سمّي "بيت لبنان"، اضافة الى الآيات الهندسية: من هيكل ملقارت الذي اذهل الاسكندر المقدوني، الى اختراع القنطرة والسقف العقد في جبيل، وصولا الى بناء بعلبك (في عهد الاباطرة الشرقيين، وعميدهم سبتيموس سفريوس، من بلدة السفيرة في شمال لبنان) اعجوبة الأعاجيب و"مدينة الشمس"، التي لاتغيب.

ونتذكّر ايضاً علماء مؤسسين للمعرفة الجامعة، من وزن اقليدس وبيتاغورس، من دون ان ننسى عالمي القانون اولبيانوس وبابنيانوس، اللذين كرّمتهما ايطاليا بوضع تمثاليهما على مدخل قصر العدل في روما، علما انهما كانا أول استاذين في كلية الحقوق اللبنانية (العصر الروماني) التي اكتشفت آثارها اخيرا في وسط بيروت التجاري.

وما هؤلاء وغيرهم، مثل جبران خليل جبران، ومخترع التلفزيون والواح الطاقة الشمسية حسن كامل الصباح، وابن بلدته (النبطية) يوسف ابو الخدود (العالم الأول في برنامج ارسال مركبة "مارينر" الى المريخ، والعالمان شارل عشي وادغار شويري، اللذين حققا انجازات تاريخية في وكالة ابحاث الفضاء الاميركية، والطبيب العالمي مايكل دبغي وريث اله الشفاء اشمون عزر... الا نقطة في محيط لا ينضب من الاسماء التي زيّنت –ومازالت- سجل لبنان الذهبي، وتوّجت وطن ايل وادونيس وعشتروت ملكاً على عرش "السياحة الثقافية" من دون أي منازع، انطلاقا من "ست الدنيا" و"أم الشرائع" بيروت، الى دير مار قزحيا حاضن أول مطبعة في الشرق، الى "أرز الرب" ("الفردوس" في ملحمة غلغامش) الى بعلبك مدينة بعل وبلاط الآلهة، الى صيدا الصامدة "ذاكرة التاريخ"، الى صور "الصخرة" التي مدّنت العالم، الى جبيل "نور البشرية"، الى طرابلس "أم الكونفدرالية" في التاريخ، الى انفه "ميناء العولمة"، الى البترون "السور البحري العظيم"، وصولا الى اهدن "الجنة" اسما وواقعاً...

الكعبة المشرّفة و"جبل لبنان"

خصَّ الله (عزَّ وجل) الكعبة المشرّفة بالعديد من الفضائل، فهي أول بيت وُضع للناس، وهي مرجع الناس ومثابتهم، التي إليها يرجعون ولها يزورون، وهي قبلة المسلمين.

وقيل إن آدم (ع) بنى "البيت" من خمسة جبال كانت الملائكة تحضر له حجارتها، وهي: جبل لبنان، وطور سيناء، وحراء، وطور زيتا، والجودي.

أرز الرب

منذ القدم ارتسمت حول أرز لبنان هالة من القداسة والعظمة واعتبر رمزاً للشموخ والقوة. وبات صنواً للبنان ورمزاً وطنياً يتوسط علمه. وفي هذا الاطار، شبّّه النبي أشعيا (ع) أغصان أرز بشري بـ «مجد الرب»، وسميّت السيدة العذراء مريم (ع) «أرزة لبنان»، وأطلقت ملاحم أوغاريت على الغابة إسم «حقول الله» والإغريق سموا أرز بشري «ليبانوس» أي البخور، والتوراة سمّته «جبل الله المقدس» و«بستان الله» و«جنة عدن»!

وبالإضافة الى التوراة، ورد ذكر غابة ألأرز في عدة نصوص قديمة، وكان للأرز دور بارز في ثقافة الشرق الأدنى القديم كما في تجارته وطقوسه الدينية. وفي إحدى الكتابات القديمة يفاخر الملك الأشوري «سنحاريب» بأنه توغّل في أعالي جبل لبنان وقطع بيديه أجمل أرزاته (605 - 562 ق. م)، وكذلك فعل من بعده الملك البابلي نبوخذنصر (715 - 681 ق. م). وتروي ملحمة «غلغامش» أن ملكاً من بلاد ما بين النهرين، عاش 2500 سنة قبل المسيح، حرّضته الآلهة على اقتحام غابة الأرز وإظهار سطوته بقتل حارسها «هومبابا». وفي العهد القديم أن النبي نوح (ع) قطع أغصاناً من أرز الرب وصنع منها الفلك الذي نجا بفضله الجنس البشري من الزوال... واستعمل خشب الأرز في بناء هيكل أورشليم وقصر داود وقصر سليمان، والهيكل الثاني بعد جلاء بابل، كما استعمله الأشوريون والبابليون واليونانيون في بناء قصورهم ونواويس موتاهم. واستعمل المصريون صمغه في التحنيط ونشارته لحفظ أجسام الموتى في قبورهم. أما النبي موسى (ع) فأمر اليهود باستعمال قشرة الأرز اللبناني كعلاج للتطهير ولداء البرص كما استعمل اليهود رماده في مراسم العماد.

«السياحة الثقافية»

منذ ستينات القرن الماضي، والطابع التسلوي والترفيهي هو الغالب على حركة التنقل والأسفار في العالم. وهي ظاهرة جعلت كثيراً من السّياح الغربيين يتخذون من الشواطئ ومراكز التزلج، كما المراكز التجارية وجهاتهم الأولى خلال جولاتهم الصيفية والشتوية حول أرجاء المعمورة. اما الجديد، منذ العشرية الأخيرة، فهو تطور نوع جديد من السياحة يهدف إلى البحث عن المتعة والاستفادة في آن واحد، وهو ما يعرف اليوم باسم «السياحة الثقافية».

وفي هذا الصدد تشدّد المديرة العامة لوزارة السياحة الدكتورة ندى السردوك على أهمية السياحة الثقافية في لبنان، التي تشمل، إضافة إلى المعالم التاريخية، كل النشاطات الثقافية، وأهمها المهرجانات والمعارض والمسارح والمكتبات، التي تستقطب سياحا من مختلف الدول، وتقول: «طبيعة لبنان الاجتماعية التي تميّز أبناءه عن غيرهم لجهة ارتفاع نسبة المتعلمين والمثقفين، تشكل عوامل مهمة أنتجت أرضا خصبة لصورة لبنان الثقافية"...

وتضيف: من هنا وبعدما وضعت منظمة الأمم المتحدة خمس مدن لبنانية على لائحة التراث العالمي، وهي بعلبك وصيدا وصور وطرابلس وجبيل، تعمل وزارة الثقافة اللبنانية على تأهيل المواقع الأثرية التي تزخر بها هذه المدن وعلى تسهيل المفهوم الثقافي لها وطريقة إيصاله إلى الجمهور ببساطة، بعيدا عن التعقيد، الذي قد ينفر السياح واللبنانيين عن هذه الأماكن، وذلك بهدف ربط الحياة المدنية بالحضارة التي يجب أن تجمع بين الماضي والحاضر والمستقبل».

مدرسة الشرق وجامعته

أهم مميزات لبنان:التعليم والثقافة، باعتبارهما أساساً للارتقاء الاجتماعي ولتحسين الحياة الاقتصادية والاجتماعية، ونظراً إلى ما للمؤهلات العلمية والمهنية من دور في تكريس وضعية الأفراد في المجتمع، ونظراً إلى الترابط الوثيق بين مستوى الإنسان التربوي وقدرته على العمل أو الانتاج، فإن الاستثمار في الإنسان أثبت أنه الأرجح والأجدى. ولبنان كان مدرسة الشرق الأوسط وجامعته، وقدّم إلى العالم العربي، كما للفرانكفونية، الكثير من الأساتذة والأطباء والمهندسين والمحامين والشعراء...

ويضم لبنان اليوم عددا من الجامعات بالإضافة إلى عدد من المعاهد والمدارس المتخصصة، ومن بين هذه الجامعات جامعة القديس يوسف، التي أسسها الآباء اليسوعيون منذ قرن وما يزالون يشرفون عليها، فقد أسهمت في تخريج نخبة من رجالات الفكر في لبنان والعالم العربي، والجامعة الأميركية في بيروت التي تأسست عام 1866 ويعود الفضل إليها في تخريج عدد كبير من القادة والعلماء والمربين الذين انتشروا في لبنان والمنطقة العربية. أما الجامعة اللبنانية فقد تأسست عام 1953 وتضم 13 كلية، منها كليات التربية والآداب والحقوق والعلوم والهندسة والطب ومعهد للفنون الجميلة، وتبعتها جامعة بيروت العربية التي تضم كليات آداب وحقوق وتجارة وهندسة.

ومن الجمعات الخاصة نذكر: الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة (ألبا)،‏ المعهد الأنطوني، كلية لبنان الجامعية للتكنلوجيا، الجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا، الجامعة العربية المفتوحة، الكلية الجامعية للتجارة والكمبيوتر، جامعة بيروت أونلاين، جامعة سي اند أي الاميركية، المعهد العالي للتجارة، الجامعة العالمية، جامعة هايكازيان، جامعة الحريري، جامعة هاواي، جامعة هونولولو، الجامعة الاسلامية في لبنان، جامعة الجنان،الجامعة الاميركية - اللبنانية، جامعة التكنولوجيا والعلوم التطبيقية اللبنانية-الفرنسية، الجامعة اللبنانية الكندية، الجامعة اللبنانية الدولية، جامعة المنار، جامعة المتن، جامعة الشرق الأوسط، جامعة سيدة اللويزة، جامعة الحكمة، جامعة الروح القدس – الكسليك، جامعة البلمند، ومعهد لاهوت الشرق الادنى في بيروت.

المؤسسات والرابطات الثقافية

بين المؤسسات الثقافية الوطنية، تبرز في الطليعة كلية الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية والمعهد الوطني العالي للموسيقى. كما خصصت معظم المعاهد الخاصة أقساماً لهذا النوع من التعليم، منها: كلية الفنون الجميلة والفنون التطبيقية في جامعة الكسليك. الاكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة (البا) في جامعة البلمند. كلية الفنون والعلوم في الجامعة الاميركية في بيروت. قسم الفنون الجميلة في المركز الجامعي لسيدة اللويزة. ومعهد الدراسات المسرحية والسمعية البصرية في جامعة القديس يوسف.

وتعد الرابطات الثقافية اللبنانية بالعشرات ويتعذر تعدادها كلها هنا لضيق المجال، وهي تشمل في الواقع جميع ميادين الفكر والتراث والعلوم السياسية والآثار مروراً بالكتابة بجميع اشكالها.

بالمقابل، تجدر الاشارة إلى المراكز الثقافية المتعددة التابعة للسفارات الأجنبية، وهي التالية: المركز الثقافي الفرنسي. معهد غوته. المركز البريطاني. مركز كينيدي. المركز الثقافي الايطالي. والمركز الثقافي الروسي. والمركز الثقافي الاسباني.

الفنون الجميلة

يتمثل الفنانون اللبنانيون في الجمعيات التالية: جمعية الرسامين والنحاتين. جمعية الموسيقيين. وجمعية أهل المسرح.

ويتمتع لبنان حالياً، بتراث فني عريق وبعدد كبير من الرسامين والنحاتين والفنانين. ويضم 29 صالة عرض، معظمها في بيروت (بينها "الصالة الزجاجية" في مبنى وزارة السياحة بشارع الحمراء) وهي تنافس مختلف المراكز الثقافية المحلية أو الاجنبية، وتعرض أعمالاً للبنانيين أو لرسامين أجانب. ففي أسبوع واحد يمكننا مشاهدة معرضين أو ثلاثة لنحاتين أو رسامين على امتداد السنة.

النحت

خلافاً للرسم، يشكل النحت تقليداً عريقاً في البلاد، إذ انه يرتقي إلى ما قبل التاريخ. ويضم المتحف الوطني في بيروت أنصاباً وتماثيل تعود إلى ألفي سنة قبل المسيح. ويبدو أن وفرة الصخور وتنوع ألوانها عززا تطور هذا الفن. وأدى اكتشاف الخزف ثم البرونز إلى إنتشار النحت ومزاحمته لفن نحت الحجارة، وذلك إستجابة للمقتضيات الدينية، لأن تعدد الآلهة في لبنان منذ العصر الفينيقي حتى العصر الروماني كان يستدعي تمثيلاً رمزياً يتوافق مع تعدد الوظائف الالهية.

غير أن فن النحت اللبناني المعاصر لا يرقى في تاريخه أبعد من العام 1912، حين كرّس يوسف الحويك (1883 – 1962) نفسه لهذا الفن، بعدما تلقى مبادئه في مدارس روما وباريس. من جهة أخرى، سبق ليوسف غصوب (1898 – 1967) أن درس النحت في باريس وروما واشتهر بوجه الخصوص بمنحوتاته النصفية. وقد اسس، في العام 1962، نقابة الرسامين والنحاتين اللبنانيين. لكن ميشال بصبوص (1921 – 1981) هو الذي أعطى النحت اللبناني أوراق اعتماده.

وفي لبنان حالياً، ما يزيد عن عشرة نحاتين بارزين، وقد تأثر معظمهم بالفن الغربي. ويميل أسلوبهم إلى التجريدي وأحياناً إلى التصويري. يذكر من بينهم مارون حكيم والفرد و يوسف بصبوص وسلوى روضة شقير وزافين حاديشيان وسواهم
وتجدر الاشارة إلى أن بعض النحاتين جعل من قريته متحفاً في الهواء الطلق، مثل الحويك في عورا، وبصبوص في راشانا، وحليم الحاج في بجه. واعتباراً من العام 1995 أقيم معرض للنحت في راشانا يضم نحاتين لبنانيين وأجانب ونال نجاحاً كبيراً. وقد تكررت هذه الظاهرة في العامين 1996 و 1997 .

الرسم

اعتباراً من العام 1875، أدخل داوود القرم (1852 – 1931) إلى لبنان فن رسم الوجوه، تلبية لرغبات زبائنه من كبار رجال الدين والعلمانيين على غرار ما فعله كبار رواد النهضة في أوروبا. قبل ذلك، كان بعض الرسامين يقومون برسم الصور المقدسة للكنائس أو بزخرفة الجوامع والقصور.

لم يكتف الرعيل اللبناني الاول برسم الوجوه، بل انتقل إلى رسم المناظر الطبيعية أيضاً، متأثراً بالطبيعة اللبنانية. وفي بداية هذا القرن تخرّجت مجموعة من الفنانين اللبنانيين من مدارس روما وباريس فحملت المشعل الذي كان يرفعه الرعيل الأول.

نذكر منهم: جبران خليل جبران، تلميذ مدرسة جوليان في باريس. حبيب سرور. مصطفى فروخ. خليل صليبي. قيصر الجميل. عمر أنسي. فيليب موراني. رشيد وهبي.

حظي فن الرسم، بعد الحرب العالمية الثانية، باهتمام الجمهور اللبناني الواسع، بعدما كان حكراً على النخبة. وفتحت عدة صالات عرض متخصصة أبوابها وبذلك أصبحت بيروت في الخمسينات، كما هي في نشر الكتاب، المركز الفني الرئيسي للشرق الأوسط.

وكان لا بدّ للتطور المثير والسريع الذي حققه فن الرسم في القرن العشرين في أوروبا من أن يصل إلى لبنان. ذلك ان الحداثة التي أسستها وروّجت لها مدرسة باريس، لاقت صدى لها في لبنان بعد الحرب العالمية الثانية عندما قام الرسامون اللبنانيون بجولات دراسية في أوروبا. وتلقن عدد منهم أصول الرسم الحديث من دون الالتزام به تماماً، نذكر منهم: صليبا الدويهي، بول غيراغوسيان، شفيق عبود، فريد عواد، جان خليفة،أمين الباشا، منير نجم، ورفيق شرف.

الموسيقى والغناء

منذ مطلع هذا القرن، بذلت جهود كبيرة من أجل تركيز قواعد الموسيقى الشرقية. وكان هدف محبي الموسيقى يتركز على العودة إلى الينابيع وإستلهام التراث الفولكلوري بغية تطويرها وفقاً لمقتضيات العصر. بموازاة ذلك، سعى بعض الباحثين إلى التجديد من خلال توثيق الروابط مع موسيقيي العصر الأندلسي. وفي هذا السياق، نشر ميخائيل مشاقة في العام 1848 كتاباً له بعنوان: "رسائل في فن الموسيقى".

ونجح وديع صبرا (1876 – 1951)، مؤسس معهد الموسيقى الوطني، في توثيق الصلات بين الموسيقى الشرقية والموسيقى الغربية، وتوصل إلى إكتشاف السلّم الموسيقي المطلق، الذي رأى انه يحلّ المشكلات الاكثر تعقيداً في الفن الموسيقي، وهي التي أرستها المقامات القديمة ودرجات السلّم المختلفة، وصلات الايقاع بالسلّم المعدل، وصفات اللحن المتوقفة على سلّمه الموسيقي، وتناغم السلّم مع ملامس الآلة، الخ .. ويحدّد السلّم المطلق الأنظمة الموسيقية المنفردة، وهي موسيقى اليونانيين القدماء وشعوب الشرق، كما يحدد نظام النغمات المتعددة الحديثة.

وفي العام 1932، عقد في القاهرة أول مؤتمر للموسيقى العربية وشارك فيه اختصاصيون غربيون بارزون، أمثال بيلا بارتوك وزولتان كودالي، وتمثل لبنان في هذه التظاهرة، حيث جرى، للمرة الأولى، التطرق إلى تقويم الموسيقى العربية وفقاً لمعايير حديثة. وأتاحت النتائج التي تمخض عنها هذا المؤتمر للموسيقيين اللبنانيين تطوير مقاربة للموسيقى الشرقية تتجاوز المفهوم التقليدي لهذا الفن والذي يرتكز على المقام والتقاسيم.

ومع الأخوين رحباني (عاصي ومنصور) يؤازرهما صوت فيروز، إكتسبت الموسيقى اللبنانية في الخمسينات أوراق اعتمادها وحققت شهرتها، اذ عرف الاخوان رحباني كيف يصهران التقاليد والفولكلور ويصبانها في قالب الموسيقى الغربية وتوزيعها.

كان لسائر الموسيقيين اللبنانيين حصة مهمة في تجديد الموسيقى والغناء اللبناني، أمثال وليد غلمية، المدير الحالي للمعهد الموسيقي الوطني، وسليم الحلو مؤلف "الغناء الشرقي"، والملحن مارسيل خليفة، وجورج فرح والأخوين فليفل وزكي ناصيف ووديع الصافي، وسليم سحاب وحليم الرومي. كما تجدر الاشارة إلى ما أضافه زياد الرحباني إلى المسرح الرحباني من بعد شعبي ورفضي. ويبذل القسم الشرقي في المعهد الموسيقي الوطني حالياً جهوداً حثيثة لتوطيد الهوية المميزة للموسيقى والغناء اللبنانيين، بالاستناد إلى الابحاث التي يقوم بها موسيقييون بارزون في هذا المجال.

وإكتسب العديد من الموسيقيين والمطربين والمطربات اللبنانيين، في أيامنا الحاضرة، شهرة واسعة في العالم العربي، وحتى أوروبا والولايات المتحدة، نذكر من المطربات فيروز وصباح ومؤخراً ماجدة الرومي، من دون أن نغفل إسم الموسيقية الكبيرة ديانا تقي الدين. ومن الرجال، نشير إلى الموسيقيين عبد الرحمن الباشا ووليد عقل الذي توفي عام 1997.

متاحف لبنان

يضم لبنان مجموعة كبيرة من المتاحف العامة والخاصة، ابرزها:

المتحف الوطني في بيروت: افتتح 1942 ويضم مجموعة كبيرة من المكتشفات الأثرية في جميع أنحاء لبنان. متحف نقولا إبراهيم سرسق في بيروت: تقام فيه معارض للفنون التشكيلية بالإضافة إلى مجموعته الخاصة الدائمة. متحف الجامعة الأميركية في بيروت: يحتوي على أثريات متنوعة. قصر بيت الدين: في منطقة الشوف وفيه متحف يضم بعض مخلفات عهد الإمارة ومجموعة هامة من الفسيفساء البيزنطية. متحف جبران: القائم في إحدى أديرة بشري ويضم مجموعة كبيرة من مخطوطات الفيلسوف والشاعر والفنان اللبناني جبران خليل جبران ولوحاته. متحف بعلبك: القائم في موقع بعلبك الأثري، يعطي لمحة تاريخية عن القلعة وعن تشييدها ويضم مجموعة من القطع الاثرية. متحف الشمع في جبيل. متحف الصابون في صيدا. متحف ماري باز للشمع في دير القمر. متحف كيليكيا للكاثوليك الأرمن في أنطلياس. متحف ما قبل التاريخ في جامعة القديس يوسف في بيروت. متحف المشاهير في جعيتا. المتحف العلمي للأولاد في وسط بيروت. متحف الحياة البحرية والبرية في مدينة صور. متحف التراث اللبناني في جونية مبنى التلفريك. ومتحف روائع البحر في المتن- جديدة المتن.

المهرجانات

يلعب لبنان دورا ثقافيا رياديا في الشرق الأوسط عبر المهرجانات التي يحافظ فيها على تقاليده العريقة من كل نوع. ويستقطب سحابة الصيف كله مجموعة من نجوم الفن في العالم، يقدمون عروضهم في المعالم السياحية مثل هياكل بعلبك وقلعة بيبلوس وقصر بيت الدين وملعب صور الروماني، وتنظم أيضا المهرجات المحلية في المدن والقرى اللبنانية مثل جزين وريفون وبعقلين ومرجعيون ودوما وتنورين وزبدين وروم وغيرها.

وتعتبر مواسم المهرجانات في لبنان واحدة من اهم الاحداث الفنية والثقافية التي تشهدها الساحة العربية، نظراً لتنوعها واستقطابها مختلف شرائح اللبنانيين والمصطافين العرب ونسبة من السياح الاجانب. ولعل انتشارها في مختلف المناطق اللبنانية ساهم في تعزيز مكانتها واعطائها طابع الخصوصية التي تتميز بها انطلاقاً من كل مدينة او بلدة او قرية.

المعارض

إلى جانب مشاركة لبنان على مدار السنة في عدة مؤتمرات دولية للسياحة والسفر تنظم وزارة السياحة بدورها في لبنان الملتقى والمعرض العربي الدولي للسياحة والسفر. وقد عهدت الوزارة مهمة تنظيم هذا الملتقى إلى مجموعة الاقتصاد والأعمال المشهود لها بتنظيم المؤتمرات والأحداث المحلية والإقليمية، يشارك في هذا الملتقى والمعرض العربي الدولي عدد من وزراء السياحة العرب، بالإضافة إلى القيادات العليا في الهيئات والمؤسسات العربية والدولية العاملة في قطاع السياحة والسفر وفي حقول المال والاستثمار.

وتعتبر معارض الكتب من من ابرز المعارض في لبنان، وقد ولدت فكرة إقامتها من رؤيتين، أولاهما إقتصادية، وتقوم على تضييق المساحة الجغرافية أمام طالب الكتاب والباحث عن الجديد في عالم الثقافة، وبالتالي إتاحة الفرصة أمام الناشر لعرض جديده أمام أكبر شريحة ممكنة من الناس وبالتالي إيجاد أسواق جديدة أمام هذا الرافد الإقتصادي الهام. والثانية ثقافية، فتخلق جوا ً من التفاعل الفكري، أولا ً بين رواد المعرض، وبأنه يشكل منبرا مفتوحا ً على كل الثقافات باختلاف مشاربها وتنوعها، فيظهر الإبداعات الأدبية بكل مجالاتها الشعرية والروائية والنقدية والفكرية والسياسية والعلمية، من دون عناء البحث والتنقيب عن عناوين أو أسماء محددة في أماكن مختلفة، فيقدم نتاجات النُّخب المخضرمة مع الأجيال الصاعدة في هذه المجالات.

وفوق هذا وذاك، تشكل المعارض تظاهرة جماهيرية ثقافية واقتصادية، فتستقطب كل المستويات الذهنية والطبقات الإجتماعية وبالتالي تخلق في ما بينها عقلا ً جَمْعيا ً ينمّي حركة الفكر في المجتمع. وايضا ً، دورة اقتصادية كاملة تدل ارقامها في نهاية كل معرض على أهمية الدور الذي يلعبه الكتاب في الحياة الاقتصادية الوطنية، يستفيد منها كل المتعاطين في شأن الكتاب من مؤلفين وفنيين ومطابع وتجار ورق وعمال هذه القطاعات الذين يقدرون بالآلاف مع عائلاتهم، ناهيك عن آلاف الكتب التي تباع في كل معرض من المعارض لتشكل بالنتيجة رأسمالا جديدا لدفعات من العناوين جديدة.

والعاصمة اللبنانية كانت الرائدة في إقامة هذا النوع من المعارض حين انطلق النادي الثقافي العربي من العام 1956 بأول معرض للكتاب في بيروت والثاني على مستوى العالم العربي بعد معرض القاهرة الذي اقامه اتحاد الناشرين اللبنانيين اوائل الخمسينات، متغلبا ً على كل الصعاب في حينه، فكانت هذه الخطوة، النواة الأولى لمعارض الكتب في لبنان بخاصة، وفي العالم العربي كشمولية استقطابية. فالنادي الثقافي العربي بادر إلى إقامة المعرض من خلال رسالته الثقافية والقومية التي انشىء على أساسها النادي ليكون موئلاً تلتقي فيه النخب الثقافية ومن منبره تطرح وتعالج قضايا ثقافية واجتماعية تهم المجتمع وتتصدى للهجمات التي تتعرض لها المجتمعات العربية من إسقاطات ثقافية تخلق إشكاليات فكرية في أوساط الشباب العربي تشغله او تبعده عن الاهتمام بقضايا أمته.

من هذا المنطلق وبهذه الروح أطلقت إدارة النادي الثقافي العربي مع تعاقب الشخصيات التي تولت رئاسة النادي، مؤسسة معرض بيروت العربي للكتاب منذ اكثر من نصف قرن.

وانطلق " معرض الكتاب العربي" في بداياته من مساحة صغيرة تطورت في ما بعد ليقام لفترة طويلة في القاعة الزجاجية التابعة لوزارة السياحة، الى ان أعيد إعمار وسط بيروت بعد الحرب، فاتخذ من قاعة المعارض بداية مسرحا للمعرض بعد تطوره بصورة لافتة، بخاصة بعد توأمته مع معرض الكتاب الدولي للكتاب الذي كانت تقيمه نقابة اتحاد الناشرين، بمشاركة ناشرين عرب ووزارات الثقافة من دول عربية عدة، اضافة الى انضمام عدد من دور النشر والسفارات الأجنبية عبر اقامة أجنحة دعائية لبلادها او لعرض اعمالها الثقافية.. كذلك تحول الاسم الى "معرض بيروت العربي الدولي للكتاب" بعد التوأمة. وعلى مساحة لا تقل عن تسعة آلاف متر مربع.

وقد قامت إدارة المعرض في سنواته الاخيرة بإدخال فعاليات جديدة عليه كل سنة، كإقامة الندوات الفكرية واللقاءات الثقافية والأمسيات الشعرية.. ناهيك عن حفلات التوقيع التي تشمل تقريبا كل الأجنحة لتقديم المؤلفات الجديدة بتواقيع اصحابها.

كذلك يعتبر معرض الكتب الذي تقيمه الحركة الثقافية ـ انطلياس تحت اسم " المهرجان اللبناني للكتاب" الثاني في الاقدمية بعد "معرض الكتاب العربي الدولي للكتاب"، ويتميز هذا المعرض بالمناسبات التي ترافق المعرض، عبر اللقاءات والندوات الخاصة لقراءة عدد من الكتب المختارة والتي تتم من خلال ندوات يشترك فيها نخبة من اهل الفكر والنقاد، وكذلك احتفالات التكريم الخاصة لبعض الشخصيات المشهود لها في الحياة الثقافية او الاجتماعية. ويقام هذا المهرجان سنوياً في النصف الأول من شهر آذار.

كما ان"نقابة اتحاد الناشرين اللبنانيين" استعادت دورها بإقامة معرض للكتاب، بعدما كانت هي أول جهة تبادر الى اقامة معرض للكتاب في العالم العربي، حيث اقام مصطفى فتح الله صاحب دار المكشوف، اول معرض من نوعه، في القاهرة لمناسبة افتتاحه فرعا للدار في العاصمة المصرية، وكان هو المؤسس وصاحب الفكرة الأول في تأسيس نقابة للناشرين، لتنطلق من وسط بيروت على اكبر مساحة يقام عليها معرض للكتاب بأكثر من ثلاثة آلاف متر مربع. ويضاف الى ذلك "معرض الجنوب"، و"معرض المعارف للكتاب العربي والدولي" ومعرض طرابلس للكتاب الذي يقام في مدينة رشيد كرامي للمعارض.

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.