3

:: فريد فرح يختصر تاريخ المنطقة وفكرها في كتاب ::

   
 

التاريخ : 02/01/2007

الكاتب : د. مفيد مسُّوح   عدد القراءات : 1268

 


  

"صراعٌ من أجل الدّيموقراطية والحقيقة"

 

"لن يكون بوسع لبنان أن يعيش إلا إذا استطاع القضاء على الطّائفية، وسار على دروب العلمنة والتّقدُّم" .

بهذه العبارة توَّج فريد فرح الفصل الفاصل في كتابه (صراعٌ من أجل الدّيموقراطية والحقيقة)، وعنوان الفصل: "العلمانية بداية الحلّ"، مستهلاً إياه بجملة من محاضرة للأب لامنس اليسوعي في عام 1919 جاء فيها: "حذار! لا تقسِّموا سوريا، فهي قميص عثمان".

ويصل المؤلف إلى استنتاجه عبر ربطه العلمانية بالديموقراطية وبالتغيير والتطوُّر واستعراضه لتجارب الشعوب في العلمانية وأثرها على السيرورة الحضارية ولمكانة العلمانية في المجتمع اللبناني والحاجة لها طريقاً تصل به إلى الوحدة الوطنية والتقدُّم مؤكِّداً أن العلمانية ليست غريبة على لبنان وأن روَّاد الفكر الدّيموقراطي في ثلاثينيات القرن العشرين نادوا بالعلمنة أسلوباً وطريقاً إلى السّلم والتقدُّم والعدالة الاجتماعية. ويستشهد فريد فرح في هذا الفصل من كتابه الموسوعيّ القيِّم بكتابات نثرية وشعرية لمفكّرين وأدباء وسياسيِّين بشَّروا بالعلمانية في مراحل مبكِّرة من تاريخ اتَّسمت معظم محطَّاته بالقلق والتوتر والصراع الذي كان في أغلب حالاته دمويّاً خلَّف الكثير من المآسي والأحزان وعطَّل مسيرة التطور التي كان من المفروض أن تسير بلبنان دولة وشعباً إلى مكانة راقية لائقة. ونذكر من هذه الشخصيَّات أسماء مارون عبُّود وحنَّا نمر وعبدالله لحُّود وجرجي سابا. ويعود فريد فرح إلى فكر ساطع الحصري الذي لمع في بداية القرن العشرين رائداً للمنحى العلماني في الفكر القومي العربي ليؤكِّد المكانة الحقيقية للعلمانية فكراً ومسلكاً عند المتنورين في ساحةٍ حوَّلتْها المصالح الخارجية وأصحاب النفوس الضَّعيفة من الأنانيين والرجعيين في الداخل إلى مستنقعات عفنة دائمة التراجع فُقدت فيها مظاهر العدل والحرية والطمأنينة ومقومات التقدُّم.

ويأتي هذا الفصل (تقريباً) ختامياً للكتاب التاريخي الموسوعي للمناضل والمفكر اللبناني، الصحفي المخضرم فريد فرح، وهو يقترب من الثالثة والتسعين، وكأنه يضع أمام الشعب اللبناني حلاًّ للتخلُّص من حالات التَّردِّي المتعاقبة التي أنهكته وأخرجته من معادلات الحضارة .. حلاًّ صريحاً مبنيَّاً على أساس التراكم المعرفي بعد تجارب قاسية مرَّ بها لبنان والمنطقة المحيطة به خلال قرن من الزمن. إذ ليس هناك من سلمٍ أهليٍّ ما لم تتوفَّر أسس يتّفق الجميع عليها ولن يُتَّفق على أسس ما لم تكن مبنية على العلمانية المقرونة بالديموقراطية والشَّفافية وباحترام جميع أبناء الشَّعب بدون تمييز.

 

والكتاب الذي أتى في 344 صفحة من القطع الكبير وصدر بطبعته الأولى عن "دار الكنوز الأدبية" في بيروت في حزيران 2006، أهداه المؤلف إلى رفيق دربه المناضل والمفكر فرج الله الحلو، وجاء في الإهداء: "إلى رمز الصَّلابة والصُّمود حتى الموت، في سبيل الدّيموقراطية والحقيقة، ومن أجل وحدة فلسطين، وحرّيتها وسيادتها". وعرَّف العنوان الكتاب بأنه "محطَّاتٌ من سيرة فرج الله الحلو الوطنية والقومية".

يتألف الكتاب من عدد من الأقسام البحثية دون التزام بخط كرونولوجي لسيرة فرج الله الحلو، تمحورت في مجملها على الديموقراطية في حياة السوريين واللبنانيين منذ نشأة الأحزاب الشيوعية في المنطقة وصولاً إلى الحدث الأبرز بالنسبة إلى المؤلف والمتمثل بجريمة اغتيال فرج الله الحلو عام 1959 وامتداداً إلى آثار هذه الجريمة على الحركة الثورية الديموقراطية في سوريا ولبنان وربطاً بمسألة الديموقراطية وغيابها في المجتمع والدولة وكذلك في قيادات وتنظيمات الأحزاب الشيوعية التي أخذت تعاني من الديكتاتورية ومن عبادة الفرد ومن هيمنة قادة أبعدتْهم العقلية الستالينية عن أبسط وأهم مقومات الفكر الشيوعي وتحوَّلوا إلى "شبه جلاَّدين" لجأوا إلى تصفية جميع من عارضهم، ليس حزبياً أو فكريَّاً فحسب، بل على الصعيد الشخصي أحياناً.

من هنا ينطلق فريد فرح الذي يورد بعد تمهيد مفصَّل لكتابه، فقرةً مقتطفةً من مقدمة الشهيد الراحل "جورج حاوي" لكتاب أرتين مادويان "حياة وراء المتراس"، وقد عنون هذه المقتطفة: "عبادة الشَّخص إذلالٌ للمناضلين وتدميرٌ للديموقراطية" كي يضعنا من بداية مؤلَّفه في صورة معاناة المناضلين الشيوعيين في سوريا ولبنان من ظاهرة عبادة الفرد القاتلة التي أدَّت إلى تصفية الكوادر المثقفة المتنوِّرة وهيمنة شخصيَّات ضعيفة انتهازية متواطئة.

يعود بنا فريد فرح إلى العقد الذي تلا تأسيس الحزب الشيوعي السوري – اللبناني فيرى بأنه بدءاً من أواخر الثلاثينيات أصبح من الملحوظ وجود تيارين متناقضين داخل قيادة الحزب تمثَّل الأول بالمنادين بالديموقراطية أساساً فكرياً للنضال السياسي والتنظيمي وللحياة الاجتماعية والثقافية وكان على رأس عناصره الشهيد فرج الله الحلو، بينما تمثَّل الثاني بالزعيم التوتاليتاري الذي اخْتَزل الحزب بشخصه وحوَّل قيادته وكوادره إلى هيئات هزيلة مشلولة اختَصرتْ أهدافها النضالية بعملية تأليهِ الزعيم الذي لجأ حكماً إلى أساليب بشعة للحفاظ على زعامته على حساب سلامة فكر الحزب وتطوره وشعبيته وأهدافه. هذا الزعيم هو الراحل خالد بكداش، الأمين العام للحزب الشيوعي السوري لما زاد عن نصف قرن سيطر خلالها على الحزب في سوريا ولبنان بداية، معتمداً على مكانة وفَّرتها له المنهجية الديكتاتورية لجوزيف ستالين، زعيم الحزب الشيوعي السوفييتي قائد الأممية آنذاك، وأدت سلوكيته هذه إلى إضعاف وتقسيم عدد من الأحزاب الشيوعية في البلدان العربية إضافة إلى حزبه.

ويستعرض المؤلف الصراع غير المتكافىء بين هذين التيَّارين، عبر مجموعة من المقالات والتقارير والأحداث. ففي تقرير أعدَّه فرج الله الحلو عام 1937 كأمين عام للحزب الشيوعي اللبناني، بعنوان "الحزب الشيوعي قوَّتُه في قيادته الدّيموقراطية وتنظيمه الدّيموقراطي"، بيَّن أن "لا حياة لأيّ تنظيم أو لأي وطن إلا بالدّيموقراطية" فجاءت عبارته بمثابة الشعار الذي دخل قلوب وعقول أعضاء الحزب المتنورين في البلدين وربط إلى الأبد اسم فرج الله بالديموقراطية والدفاع عنها.

ويسير بنا فريد فرح عبر المحطات الكثيرة التي عانى خلالها فرج الله ورفاقه من هيمنة الروح الديكتاتورية على الحزب وهيئاته وأفراده شلاَّ لحركتهم ومسخاً لأهدافهم النضالية ونشراً لسلوكية الطاعة العمياء بدل روح الالتزام الديموقراطي. ويورد المؤلف العديد من الشهادات لشخصيات وطنية وفكرية وحزبية بارزة رافقت فرج الله في حياته الحزبية، تظهر مكانة الديموقراطية في فكره ونهجه وتبرز معاناة هذا التيار من نقيضه الديكتاتوري. من هذه الشهادات مثلاً ما كتبه أرتين مادويان، وهو مِن مؤسسي الحزب، مشيداً بشخصية فرج وبأهمية تقريره وطروحاته وواصفاً إياه بالـ"المثال الرائع للشيوعي بنزاهته وعبقريته الفذَّة".

ويمرُّ بنا الكتاب عبر سنوات الكفاح الوطني والنضال الحزبي والصراع الفكري في لبنان وارتباطاً مع الحزب الشيوعي السوري مستشهداً بعشرات الأسماء من رفاق فرج بدءأً من مؤسسي الحزب (فؤاد الشمالي، يوسف يزبك، أرتين مادويان، مصطفى العريس، رشاد عيسى، أوهانس أغباشيان، خالد بكداش، فوزي الزعيم، نيقولا الشاوي، أنطون ثابت، فؤاد قازان وكثيرين آخرين) ورابطاً المراحل والأحداث بالشخصيات ومواصفاتها ومكاناتها الاجتماعية والفكرية والحزبية ومستنداً إلى عدد كبير من الوثائق والإصدارات منذ فترة تأسيس الحزب وحتى سنوات إعداده للكتاب بطريقة شيِّقة جذَّابة تجعل القارىء مشدوداً بحنان إلى فترة عاشها أو سمع أو قرأ عنها أو تحدَّث عنها أمامه معاصرون لتلك الفترة الثريَّة من حياة الوطن وأبنائه وأحزابهم وأساتذة الفكر والنضال.

ضمن هذه البيئة يسلِّط فريد فرح الضَّوء على قضية فرج داخل الحزب في نهاية العقد الخامس وبداية العقد السادس وهو يتعرَّض إلى ضغوطاتٍ وسياسة تهميشٍ متعمَّد من قبل زعيم وأنصار التيَّار التوتاليتاري تمخَّضت عن رسالة "انتقاد ذاتيّ" فُرضتْ عليه بعد مقاومة منه دامت ثلاث سنوات ولم يأت نصُّها بكلماته بل أُجبر على قبول إملائه عليه ووافق على مضض متوخياً سلامةَ بقائه في قيادة الحزب وناشداً الاستمرار في النضال من أجل شعبه ووطنه. وقْعُ هذه الرسالة كان كبيراً جدَّاً وقد تم الحديث عنها وبها في أوساط حزبية على المستويين الإقليمي والعالمي وتناولتها أقلام النقَّاد والمحللين والمؤرخين والمفكرين حتى يومنا وقد ذكر المؤلف عدداً من هذه الكتابات ومنها ما كتبه كلٌ من كريم مروِّة وخضر زكريَّا ويوسف خطَّار الحلو ومحمد دكروب وأرتين مادويان وكثيرين غيرهم.    

ويورد الكتاب بالتفاصيل أحداثاً كثيرة ومواقف تبيِّن مدى المعاناة التي تعرَّض لها المناضل الشهيد حتى تاريخ إعلان الوحدة بين سوريا ومصر، الذي كان نقطة تحوُّلٍ كبيرة شهدت فيها الساحتان السورية واللبنانية ظروفاً مأساويَّة تمثَّلت بتعرُّض أبناء الشعب السوري إلى ظلم وقمع سلطة الوحدة وأجهزتها وتحوُّلِ الحزب في سوريا إلى النضال السرِّي وتمَّت حملات ملاحقة واعتقال وتعذيب شاملة هجَّرت عشرات الآلاف من سوريا إلى لبنان وغيرها وتسبَّبت بتعطُّل عمل الهيئات القيادية في الحزب الشيوعي السوري التي هرب معظم أفرادها بمن فيهم الأمين العام للحزب ليبدأ بإعطاء أوامره لمن تبقَّى هناك، من مكان إقامته في موسكو، لا حرصاً على بقاء الحزب بل حفاظاً على "هيبته" ومقومات قوَّته .. وكان من بين القرارات الجائرة التي اتخذها وفرضها بالتهديد تكليف الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني فرج الله الحلو بتسيير أمور التنظيمات الشيوعية في سوريا في عهد الوحدة بشروطه الخطيرة. ويبين فريد فرح أريحيَّة فرج ولهفته على رفاقه في سوريا وقبوله المهمة بروح أممية صادقة وجريئة لم تهَب المخاطر. ولم يكن فرج على دراية بما حيك له وبالفخ المنصوب على أساس خطَّة تصفية بدأت قبل الوحدة بكثير وخاطها التيَّار التوتاليتاري ونفَّذها بدهاء أحد أقطابه وهو رفيق رضا بالتعاون مع أجهزة الأمن السوري (عبد الحميد السرَّاج) انتهت بالجريمة المتوحشة التي استشهد فيها فرج الله الحلو في 26 حزيران عام 1959 عن ثلاثة وخمسين عاماً.

ويروي المؤلف قصة اعتقال وتعذيب فرج والهمجية الفظيعة التي قام بها أفراد جهاز الأمن الذي أشرف عليه قائده ومعاونوه (عبد الوهاب الخطيب الذي قال لفرج الله عندما أحضروه إلى مكتبه: "إنك لصيدٌ ثمين") والذي أنهى حياة المناضل الكبير خلال ساعات. ويروي أيضاً الأحداث التي تلت اختفاء فرج خلال بحث ذويه وقيادة الحزب في لبنان عنه والحملات العالمية لكشف الحقيقة التي أخفتها السلطتان السورية والمصرية درءاً للإدانة وأزالتا أيَّ أثر لجريمتهما النَّكراء.

يرى فريد فرح، في فقرة خاصة استغلَّها ليبرهن لجوء السلطات الديكتاتورية أينما وُجدت إلى التصفية الجسدية للشرفاء من رموز النضال من أجل الحرية والديموقراطية، ممن شكلوا خطراً على نفوذ تلك السلطات، يرى تشابهاً كبيراً بين نهاية فرج الله ونهاية الزعيم الوطني المغربي المهدي بن بركة الذي استدرجه جهاز الأمن المغربي في خدعة إلى باريس حيث طعنه وزير الداخلية بيده ليتخلَّص منه وبقي الأمر سرَّ الكتمان لفترة طويلة شُغل العالم خلالها بقضية بن بركه المناضل من أجل الديموقراطية في وطنه.

ثم يروي الكاتب اكتشاف الحزب الشيوعي اللبناني حقيقة استشهاد فرج بعد قرابة السنة من حصول الجريمة ويعرض بعض حملات الإدانة العالمية وحفلات تكريم الشهيد التي استمرَّت حتى عام 1974 حيث قدَّم الاتحاد السوفييتي نصباً تذكارياً لفرج مع عامل وفلاح أقيم في بلدته حصرايل. كما يستعرض رسائل تضامن وشهادات وخطابات تكريم لعدد من الشخصيات الأدبية والفكرية والرسمية من لبنان وغيره.

في أحد فصول الكتاب يحدِّثنا فريد فرح عن صديقه ورفيقه وقريبه فرج الله منذ كان تلميذاً ويعرض لنا بقليل من التفصيل شخصيته وسيرة حياته وتعرفه على الحزب في سوريا ولبنان ويذكر محطات من نضاله وعمله الحزبي في المدن والبلدات المختلفة ويصل بنا إلى المراحل المتقدمة عندما أصبح فرج قائداً لحزبه في لبنان شغلتْه هواجس من نوعين: بناء الحزب وهيئاته بطريقة علمية صحيحة وتمتين تماسكه وتعميق وعي أبنائه، والتحايل لدرء النتائج الكارثية الناجمة عن قمع قيادة الحزب الشيوعي السوري وتصغيرها له ولرفاقه وتحجيم وتكبيل خططهم. كانت مهمات فرج صعبة للغاية.

من ناحية أخرى لا يغفل الكاتب في مؤلَّفه الكبير سيرة فرج الله في مجالَي الثقافة والعلاقات، ويذكر أيضاً مداخلاته وكتاباته وأثرها في تثقيف الكادر الحزبي خصوصاً في لبنان ورفع الروح المعنوية وتشديد تمسكهم بالديموقراطية وحرية الرأي وقناعتهم بالقيادة الجماعية وبالأساليب المتطورة.

يورد كتاب "صراع من أجل الديموقراطية والحقيقة" عدداً كبيراً من الرسائل و الوثائق التي تخصُّ فرج الله أو تتحدَّث عن الفترة التي عاشها وما أحاط بها على الأصعدة المختلفة ويحرص المؤلف دائماً على الحفاظ على التواريخ وأسماء الأمكنة تأكيداً للمصداقية التي يشعر بها القارىء من الصفحات الأولى فيأخذه الكتاب في رحلة جدِّيَّة عميقة تفصيلية وبأسلوب أخَّاذ ننتقل بواسطته من مكان إلى آخر ومن مرحلة إلى أخرى بسينمائية تسجيلية لا تخلو من التفاعل الذاتي مع الحدث وامتداداته خلفاً وإلى الأمام فنصل إلى الوقائع والحقائق وشخوصها وظروفها وارتباطاتها دون أن نشعر بأننا نقرأ كتاباً جافَّاً في التاريخ أو تسجيلاً وثائقياً. الفضل في ذلك لما نلمسه فوراً من إلمام شمولي عند المؤلف المخضرم لكل ما كان يحيط بتلك الأحداث وما تبعها خلال حوالي سبعة عقود من الحضور الحقيقي في قلب الأحداث وفي ضمير الحزب وإلى جانب رموزه وكذلك في ساحتي النضال الفكري والتعبيري وعلى المستويين الوطني والعالمي.

وفي معرض حديثه عن نضال الشيوعيين اللبنانيين ذكر المؤلف عشرات الأسماء ممن أغفلتهم الكتب والروايات والسجلات ولكنهم بقوا في ذاكرة رفاقهم أمثال فريد فرح الذي ما فاته أن يوجه التحية للشيوعيين الأنقياء ولشهداء النضال من أجل الحرية والتقدم.

وتأتي نصوص الكتاب بلغة أدبية سلسة استطاعت أن تكون الوسيلة الناجحة لنقلنا حيناً إلى مسارح الأحداث وبيئاتها وحيناً آخر لجلب الأحداث وبيئاتها إلى ساحتنا.

كتاب فريد فرح مادةٌ أكاديمية مرجعية متميزة إذ استطاعت أن توازن بين السيرة الشخصية لصاحب الموضوع والبيئات المتنوعة التي أحاطت به في مراحل حياته المختلفة وفي البلدان العديدة بكل ما تحفل به هذه البيئات من مقومات الحياة السياسية والاجتماعية والفكرية والأدبية محلياً وارتباطاً بالعالم وبحركات التحرر وبرموزها.

وفي نهاية الكتاب يرفق فريد فرح بعض الوثائق التي يراها شديدة الأهمية ومتعلقة بمحور الكتاب الرئيس مثل رسائل القيادة الخاصة بقضية فرج الله ورسالته المتعلقة بالنقد الذاتي وتقريره الخاص بعبادة الفرد وبالديموقراطية. كما يضم الكتاب نصوص الوقائع التي وردت في قرار الاتهام في قضية اغتيال فرج الله الحلو والصادر عن قاضي التحقيق العسكري لدى المجلس العدلي في سوريا وتتضمن اعترافات الشهود والمتورطين بالأسماء والتواريخ تنشر لأول مرة في كتاب من هذا النوع.

وتكريماً لذكرى فرج الله الحلو يضيف فريد فرح إلى كتابه المثير قصيدة الشاعر الكبير الراحل "نجيب سرور" والتي كتبها في موسكو عام 1960 مرثيةً للشهيد قبل أن تنشر الحقائق الكاملة عن الجريمة البشعة، واسم القصيدة "فرج الله والغستابو".

 

مؤلَّف فريد فرح كتابٌ رفيعُ المستوى عظيمُ القيمة مهنيُّ الإخراج جميلُ الأسلوب قويُّ التأثير يحتاجه كل مَن فاته أو نسي تاريخ سوريا ولبنان الحديث وأحداثه المؤلمة وشخصياته الغامضة وخداع الأنانيين ممَّن ادَّعى النقاء وهو بعيدٌ عنه وامتهن النضال السياسي خدمة لمآرب شخصية .. سيقرؤه باهتمام السياسيون والمؤرخون والمفكرون المهتمون بتاريخ النضال الوطني والصراع الفكري في الشرق الأوسط وخاصة بلبنان وسوريا طيلة القرن العشرين وسيجد فيه الباحثون في التراث النضالي للشيوعيين مادةً تبرهن بجلاء حقيقة معاناة المفكرين الأنقياء والمتنورين في مواجهتم لأعداء الديموقراطية ومتجنِّبيها لا في الحكومات الديكتاتورية القمعية فحسب بل في الأحزاب الشيوعية التوتاليتارية وعند رموزها.

بالرَّغم من مشاعر الألم والحزن التي تصاحبننا ونحن نقرأ فريد فرح فإننا في رحلة النضال من أجل الديموقراطية والحقيقة نستمتع باكتساب المعرفة وامتلاك الحقائق ونصلُ معه إلى القناعة بأن: "لا حياة لأيّ تنظيم أو لأي وطن إلا بالدّيموقراطية".

 

 

 

قصيدة "فرج الله والغستابو"

للشاعر والفنان المناضل

نجيب سرور

 

 

فريد فرح في سطور

 

*       ولد فريد فرح في الثاني والعشرين من كانون الثاني 1914.

*       أسهم في تأسيس مجلة "الطريق" الى جانب المهندس أنطون ثابت، ورئيف خوري، ويوسف إبراهيم يزبك، وعمر فاخوري، وقدري قلعجي، أصبح مديراً لإدارتها ومساهماً في تحريرها.

*       أسندت إليه إدارة جريدة "صوت الشعب" وأصبح من أسرة محرريها.

*       عاش ملاحُقاً من قبل السلطات الفرنسية واللبنانية مدة ثمانية عشر شهراً، بداية من العام 1939.

*       في أوائل الحرب العالمية الثانية 1939، وفي العام 1947، عندما قرر مجلس الأمن الدولي تقسيم فلسطين، كان أحد شخصين اثنين مسؤلَين سريَّين عن مطبعة وجريدة الحزب آنذاك "نضال الشعب".

*       عمل في وكالة "تاس" السوفياتية للأنباء محرراً ومترجماً ومندوباً برلمانياً، لمدة خمس سنوات.

*       تولى إدارة شؤون عصبة مكافحة النازية والفاشستية، وكان عضو وفد بيروت الى مؤتمرها الأول في 18 و 19 كانون الأول 1942.

*       انتسب المؤلف الى الحزب الشيوعي اللبناني في العام 1934.

*       أسهم في تحرير جريدة "التلغراف" إلى جانب الشهيد نسيب المتني لفترة عشر سنوات. كما أسهم في تحرير جريدة "الأنباء" إلى جانب الشهيد كمال جنبلاط لفترة خمس سنوات وفي تحرير جريدة "الكفاح" مع النقيب رياض طه وفي تحرير جريدة "اليوم" مع النقيب عفيف الطيبي. كما أسهم في تحرير صحف أخرى لفترات متقطعة منها "الأنوار" و"الهدف" و"الشَّعب" و"وكالة أخبار لبنان" ومجلة "الأحد".

*       تولَّى فريد فرح مسؤولية جريدة "الراية" وساهم في تحريرها بتوقيع وحيد سرور، ثم في تحرير جريدة "الدنيا الجديدة" وجريدة "لو ماتان" اليومية ومجلة "لا غازيت" الأسبوعية مع هنري مخيبر.

*       أحيل الكاتب والصحفي فريد فرح إلى محكمة المطبوعات وخرج منها بريئاً، وهو لا يزال عضواً في اتحاد الصحافة اللبنانية، "نقابة المحررين".

*       مؤلفاته: "صراع من أجل الديمقراطية والحقيقة"، "من الفجر للنجر"، "كتاب الأمثال الشعبية والأقوال المأثورة"، "طيف العاميات الشعبية" قيد الأعداد.

 

 

اطلبوا الكتاب من المكتبات ومن الموقع على شبكة الإنترنيت

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.