3

:: زرعت له صنوبرة ::

   
 

التاريخ : 01/03/2011

الكاتب : جوزف أبي ضاهر   عدد القراءات : 1873

 


 

 

كان بيتي صنوبرةً، قطعوها. صار بيتي حجرًا. هجرتني العصافير.

الصمت أخذ الحركة إليه، ما عاد يُسمَعُ غير قلم يحاور ورقة. تغار ريشة، تغريها الألوان والقماش. تولد قصيدة، وتولد لوحة.

الولادات أقوى من الصمت، الولادات أول الحياة، وفق حركة جديدة، وحكاية جديدة:

ولد أوّل حفيد لي، رَجعت العصافير. وحدها الصنوبرة لن تعود.

إختيار اسمٍ للمولود، مَهّمةُ الوالدين، وتمّت نطقًا: أودن.

حروف الاسم هي ذاتها، حروف اسم أدون، ابني، مع تغيير في موقع بعضها.

الإسمان لإلهين: الأول من الميتولوجيا الفينيقيّة، والآخر من الميتولوجيا السكندينافيّة، مع جذور له في الميتولوجيا الألمانيّة.

الأدون هو إله الخصب والانبعاث، السيد، البعل، تموز عند البابليين، عشقته إلهة الحبّ عشتار وولهت به حتّى السموّ.

أرسلت الأسطورة الشرّ خنزيرًا بريًّا ليقتله، ويخضّب بدَمه الأرض.

بكته عشتار حزنًا ودمعًا تحوّلا نهرًا، مرّ فوق اليباس فأحياه، وأعاد الآدون ربيعًا في نبتٍ يتجدد مع الفصول.

وأما الإله أودن فَحَمِل، مثل الأول غير اسم ـ صفة: إله الحرب، الموت، الانتصار على الموت، سيد السحر والشعر والنبوءات والصيد. وقالت الميتولوجيا إنّه من أقوى الآلهة يمتطي حصانًا له ثماني أرجل واسمه slisleipnir، ويحمل قوسًا. ومن العلامات المميزة خاتم أسود في إصبعه، وعلى كلّ كتفٍ من كتفيه عصفور أسود يخبره بما حدث، وبما سيحدث. وإنه تزوج أربع نساء، له منهن خمسة أولاد، وهو والد الإله Thor إله الرعد الجالس سيدًا فوق الغيم يضرب بمطرقة فيحدث صوتًا هو الرعد.

وتحدّد الأسطورة يوم مولده في الواحد والعشرين من كانون الأول، وهو يوم مولد الحفيد الآتي إلى بيتي مع  العصافير والزهور، وفرح تجدّد الحياة.

زرعت له صنوبرة جديدة، من بذرة الصنوبرة المقطوعة بالحقد، قرارًا ويدًا وفأسًا.

وصلّيت له. صلّيت ملء قلبي وعقلي. لم أطلب مستحيلاً:

«يا ربّ امنحه الصحّة والأمان، والعقل المؤاخي القلب، وابعد عنه خنزير الشر والحقد، وحسد الحاسدين. آمين».

 

 

 

إلى أودن في فيء الصنوبرة - هنري زغيب

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.