3

:: لماذا العودة إلى سوريا في 10 آب القادم؟ ::

   
 

التاريخ : 13/06/2012

الكاتب : مازن كم الماز   عدد القراءات : 1711

 


 

 

الحقيقة أنه منذ قيام الثورة السورية ومنذ أن أصبح من شبه المؤكد بقاء نظام الأسد لبعض الوقت كانت فكرة العودة إلى سوريا تضغط عليّ بكل قوة كما على الكثيرين كما أعتقد، رغم أنه يمكن دائماً ذكر الكثير الكثير من التبريرات لعدم العودة والاكتفاء بالمراقبة والانتظار، بعد أن تعرّض بعض معارفي للسجن كان هذه الحجج تذوي ومع سقوط الضحايا كانت هذه الحجج تموت أيضاً شيئاً فشيئاً، مع كل معتقل وكل شهيد كان شيءٌ ما يستفزّني ويطرح بقوة أكبر كل مرة فكرة العودة، وأخيرا جاءت حملة "راجعين"، كمن وجد شيئاً كان يبحث عنه منذ زمن حتى وشك أن ييأس من لقائه، تقدمت على الفور باسمي لمنظمي الحملة بسعادة غامرة لم أعرفها إلا عندما شاهدت وجه طفلي لأول مرة، أنا اليوم أنتظر 10 آب يوم حريتي الحقيقية التي تمارسوها أنتم بكل شجاعة منذ 15 شهرا. وإليكم قصتي"

أنا مازن كم الماز، طبيب سوري، مواليد القنيطرة 1966، من أصول شركسية تركية كردية، مسلم سني ولو أن هذه كلها تفاصيل هامشية جدا لم أخترها كما هو حالكم وحالنا جميعاً ولا أعتبر أن من حقي أن أفخر أو أتميّز عن الآخرين بسببها رغم أني لا أخجل منها أبداً، درست في جامعة دمشق كلية الطب البشري، ثم عملت في مديرية صحة القنيطرة – مركز إسعاف "خان أرنْبة" ومديرية صحة دمشق – مشفى ابن النفيس قبل أن أعمل كطبيب في الخليج، أديت خدمتي الإلزامية بين عامي 1999 و2001، كنت عضواً في الثمانينات وأوائل التسعينيات في اتحاد الشباب الديمقراطي في سوريا والحزب الشيوعي السوري، على الرغم من ستالينية وانتهازية كلتا المنظمتين فإني تعلّمت حب الحرية والعدالة والفقراء هناك هذا المرض الذي لم أشفَ منه أبداً. ومنذ بداية الألفية الجديدة كنت أقترب من الفكر الاشتراكي التحرري في أثناء محاولتي لفهم وتفسير ماهية وطبيعة النظام السوري، والناصري والبعثي الصدامي والسوفييتي السابق (الستاليني)، أصبحت اشتراكياً تحررياً عندما انتهيت إلى القبول بنظرية الاشتراكيين والماركسيين التحرريين عن النظام الستاليني، النظام النموذج للنظام السوري، على أنه ليس إلا نظام استغلالي جديد على نمط رأسمالية الدولة البيروقراطية، ومنذ أواسط العقد الماضي بدأت أترجم لعدد من المفكرين الاشتراكيين التحرريين البارزين وبدأت أكتب عن طبيعة النظام السوري وسياساته في موقع الحوار المتمدن بشكل أساسي ومواقع سورية معارضة أخرى سرعان ما كان عددها يتناقص باستمرار بسبب "انفتاحها وديمقراطيتها" وأكتب أيضا في جريدة القدس العربي بشكل غير منتظم.

زرت سوريا لآخر مرة في عام 2006 عندما توفيت والدتي.

لم أكن يوما عضواً في أية جهة معارضة ولم أحصل على قرش إلا من تعبي وجهدي ونأيت بنفسي عن كل ترّهات وزواريب المعارضة السورية ولم أستخدم قلمي أو فكري يوما للتكسّب أو الاسترزاق ورغم أني قد أكون استسلمت في فترات من حياتي لسلطة هذا النظام أو لسلطات قمعية أخرى تتنافس على قمعنا بدافع السلامة لكني لم أخن في يوم القضية التي نذرتُ نفسي لها، قضية كل الفقراء والمقهورين في سوريا والعالم، رغم أن بعض معارفي نقلوا لي عن مخابراتنا العتيدة أنهم كانوا يعتقدون أني من جماعة عبد الحليم خدام!! الأمر الذي جعلني أوقن بشكل لا شك فيه بالأمية السياسية لأجهزة أمننا السياسية!!

الحقيقة إن الدافع وراء عودتي مع حملة "راجعين" بسيط جداً.

إن دماءنا ليست أغلى من دماء أي طفل من أطفال الحولة أو القبير والحرية التي تقاتلون في سبيلها هي حريتنا جميعا لذلك فإن مكاني هو فقط بينكم، أن أعيش كما تعيشون أو أموت كما يموت البعض منكم، عدا عن أني كاشتراكي تحرري، وخلافاً للكثيرين من المعارضين والسياسيين والمثقفين ورجال الدين وغيرهم أنا لا أطمح يوماً لأكون زعيماً أو قائداً أو حاكماً أو معلماً أو مرشداً أو غنياً لأني أعتقد أن الشكل الوحيد الحر لتنظيم أي مجتمع أو مجموعة هو التنظيم الذاتي الحر والطوعي لكل الناس وأرفض تماماً أي شكل لقمع الناس لصالح أقلية محدودة جداً من البشر وأرفض تماماً أن أستثمر جهد الآخرين وعرقهم لأصبح غنياً، أنا لا أطمع في سلطة ولا مال بل أحلم فقط بانعتاق البشر من كل اضطهاد وقمع وسلطة خارجة عنهم وبحريتي أنا أيضا بكل تأكيد، نعم سأترك طفلين ورائي لكني أعتقد أني سأترك لهما ما هو أهم بكثير من المال أو الجاه، ربما أترك لهم ما قد يرفعون رؤوسهم عالياً به حتى نهاية حياتهم ومثالاً حياً على ألا يرضوا بالظلم وألا يقبلوا بالاضطهاد، وربما إذا نجحت ثورتنا أترك لهم عالماً أفضل وأكثر حرية، أنا عائد لأكون بينكم في 10 آب، إلى وطني.

إن وطني ليس سوريا فقط فأنا أعتقد بقوة أن هويتي الحقيقية هي إنسان وأن وطني هو العالم، إن وطني هو فقراء سوريا، لأني بالمولد ولدت بينهم، ولأني أعرفهم ولأني أحبهم، خاصة منذ أن نفضوا عنهم الصمت وصرخوا بأعلى صوتهم مطالبين بحريتهم.

أنا عائد إلى وطني، إلى أهلي، فقراء سوريا لأعيش أو أموت بينهم.

mazennnkm@hotmail.com

 

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.