الجزء الثاني

 

 

.........

 

في نفس الوقت الذي تقدِّم فيه فرقة ماريا برنامجها تقوم تحضيرات لمهرجان خطابي على هامش الحملات الانتخابية التي يقوم بها مرشحو الدوائر ويعتمدون على رجال لهم ومجموعات ذات حضور خاص وسلوكية يتحاشى الناس بسببها الاصطدام مع أمثالهم. (ديب المرجان) ومرافقاه (عبود ومرعي) يصلان إلى الساحة ـــ المسرح وسلاحهم جاهزٌ فوق الأكتاف ووجوههم تعتريها القسوة والاستعداد لتنفيذ الأوامر ضماناً لحسن سير الحملة الانتخابية لمعلـِّمهم (ضاهر البندر).

يتقابل ديب وجهاً لوجه مع ماريـَّا التي تعترض على أمره بالرحيل (ليش بدنا نـْفِلّ؟) فيتـَّهمها والفرقة بإقلاق راحة الناس وبأن ما بيدها من ترخيص للحفلة يفيدها أمام الشرطة وليس أمام (ضاهر البندر) الذي أفاد ديب بأنه (نازل عَ النـِّيابـِة):

ديب:           وْبـُكـْرا عنـْدو مهرجـان خطابي.. صار إلو يومين مـْسـَكـِّر عَ حالو،

                وْمعو تـْلات مـْعـَلـّمين مدِرْسِة.. هُوِّي بـْيِحكي وْهـِنـِّي بيلِمـُّو من خلـْفو أفكار

ماريـَّا:         ليش هـُوِّي مِش متـْعَلـِّم؟

ديب:           أهـَمّ مـْن المتـْعَلـِّم.. هايْدا ما ضـَيـَّع وَقـْـتـُو بالمَدارِس،

                من زِغِرْتـُو بـَلـَّش بالِمْظاهرات

.........

 

قبل أن تبدأ الفقرة الكوميدية التالية في البرنامج المسرحي الغنائي والتي تسميها المهرِّجة (اللص والحب)، يعترض ممثل دور الحرامي فيها على تسميته باللــِّص قائلاً (ليش عـَم تـْقولي عـَنـِّي لصّ؟) وبينما لا ترى المهرِّجة فرقاً (شو في فرق؟ لـِصّ أو حَرامي!) يشرح رأيه بــِلـَذة وظرافة (في فرق كـْبير، اللـِّص مُجرِم، الحرامي خفيف دمّ.. اللـِّص بـْيـِـسْرُق حتى يــِغـْتِني، الحرامي بـْيـِـسْرُق حتى يـْعيش !!) تعكس الرأي الرّحباني في الموضوع!

في مسرحية "المحطة" سنتعرَّف على (حرامي) من شخصيات الأخوين رحباني، ليس لِصـَّـاً، فهو لا يسرق لـِيـَغـْـتني بل لأنه محتاج (عـَندي عـَيلـِة). وقد تعرَّفنا على (قرنفل) المتـَّهمة بالسـَّرِقة والتقينا في مسرحية "يعيش يعيش" بالمُهـَرِّب الذي يتزعـَّم عدداً كبيراً من الذين ينتظرهم في البيت أولادٌ ونساء يـُصلـُّون لهم ومن آخرين (رَفـَضـَتـْهُم الطـِّرقات الوسيعة).

لنستمع الآن إلى حوار الحرامي مع آخرين قبضوا عليه وهو يسرق لـِ (يـَسـْكـَر) !.. فقد تعقـَّب الحرامي رجلاً كان يسير ومعه ابنته الحسناء ثم توقف في الساحة تاركاً ابنته وجرَّة العرق ريثما يشتري حاجيـَّاته من دكان قريب:

الرجل:     يـــا بـِـنـْـتي يـا نــِفـْـنـافـِـة  انـْـتـِبـْهـيـْلـي عَ هـالـْجـَرَّة

مـِـلـْـيـانـِـة عـَـــرَق صــافي      مـْقــَطـَّرْ قــَطـْرَة وَرا قــَطـْرَة

أنــا واصــِــل عَ الدِّكــَّــانـِـة  دَبــِّــر مـــازَه حــِـرْزانــِــة

جـِـبـْـنـِـــة وْلـَـبـْنـِـــة وْلـَحـْـمـــِة وْكـِبـِّــة

وْنـَـعـْـمِـل جــَـلـْـســِــة عـِـمـْـرانـــــــة

وِنـْعـَمـــِّـر سـَـهـْـــرَة     وإفـْـقــَـعـْـهـا سـَـكــْرَة

يــا بـِـنـْـتي يـا نــِفـْـنـافـِـة  انـْـتــِبـْـهـيـْلـي عَ هـالـْجـَــرَّة

 .........

تـُرفع ستارة الفصل الثاني عن مشهدٍ بحريٍّ الطابع، إذ نجد أنفسَنا على شاطيء بحريٍّ يتناثر فوق صخوره ورماله بَحـَّارة منهم مَن خلد إلى الرَّاحة بعد رحلة متعِبة ومنهم مَن يتعاون مع زملائه لنشر شبكة صيد بينما راح آخرون يحملون صناديق السـَّمك في مشهد تفوح من زواياه رائحة البحر الطـَّيب. وإذ تتكرَّم علينا الأوركسترا منذ مطلع المقدمة فتحمل فوق نوتاتها رذاذ البحر وصوتَ موجه يداعب أطرافَ الصُّخور وحوافَّ المراكب المتراقصة بدلعٍ كالحوريـَّات الطـَّالعة لتـَوِّها من العميق، تأتينا من الجهة المقابلة حوريـَّة البادية تتغزَّل بالواسع ومراكبه ورجاله المسافرين فوق أمواجه المتقلـِّبة المزاج وتحت ضوء فوانيس القبة العالية.

انتقال سـَلـِسٌ من المقدِّمة إلى (بـَشْرَف) تقليدي تتولـَّى برمجة وظيفته آلة (القانون) تساندها وَتـَرِيـَّات مصحوبة بهـَمْهـَمات مُغـَنٍّ لتحفيز سيـِّدة الطـَّرَب الأصيل فيروز لموَّالها الشرقاوي الجميل (بيات)، التي بثـَّت في قاعة المسرح دفقاتٍ من نشوة الطـَّرَب اهتزَّ بها الفضاء ومازال ومازالت أحاسيسنا تحلـِّق في سماءٍ تغطـِّي البحر كلـَّه وبأجنحـَة ممتدَّة أبـَداً كلـَّما سمعنا (هيلا يا واسِع).

ماريـَّا:                     ياليــل    ياليـل    ياليــل     يـاليـــل

ياليـل     ياعيــن    ياليـل       يـاليـل

/ جينا عـَلى الدَّار تـَ نـْشـُوف اللـِّي حـَبـُّـونا

قـالـولـْـنـا وَلـَّـفـُو راحـُو وِفـاتــونــا / (2)

بـَحـْـيـــاة مـَوْجـَـكْ وأيـَّام الهوا والـصـَّيـْـف      آه ....

بـَحـْـيـــــاة مـَوْجـَـكْ وأيـَّــــام الهــــــوا والـصـَّيـْـف

يـابــَحْر بــَيـْــروت سـَـلـِّم عَ اللـِّي نِسـْيـونـا

الصيادون:            / ليش مـا جـِـيْتـي جـيـْــتـيـْنا يا بـِنـْتِ شيــخ الكـار

 .........

تنهي ماريا برنامج فرقتها وتنهي فيروز مسرحيتها "ناس من ورق" وهي تذكـِّر جمهورها الغالي على قلبها بأن الفنانين (ناسٌ من ورق) وما يبقى منهم هو مؤونة الذاكرة.. وطالما أن الأرض تدور فإنَّ لقاءَ الأحبة حتميٌّ

ماريـَّا:      وْلـَمـَّـا الـقــَـمـَرْ غـــــاب  وِتـْـغــَرَّب الــلـَّـيــْــل

راحـــُــو الأحـْـبــــــــاب   كــِـل واحــِــدْ بــِـمـَــيـْـل

/ وْإذا الأرْض مـْـــــدَوَّرَة يــا حــَـبـيـْـبــي

رَح نـِرْجــَـعْ نـِـتـْـــلاقـى يــا حــَـبـيـْـبـــي

نــِـتـْـلاقـــى بــِــبـَـيـْـت    بـْـفيـِّـة قـَنـْطـَرَة

إذا يــا حــَـبــيـْـــبـــي الأرْض مـْـــــدَوَّرَة / (2)

الجميع:                                       لا لالا لا ...

 

تحميل الصفحة كنسخة ملائمة للطباعة