جماليـــا : ثقافة , آداب , فنون

From site: http://www.jamaliya.com

غباء القصيدة


خيري حمدان
13/05/2011

 

 

قلت لها: أنا في منتهى التفاؤل.

قالت: كيف أنت اليوم؟ أجبتها: أفضل بكثير من يوم غد.

قد يسير الزمن إلى الأمام بسرعة 48 ساعة أسرع من حواسنا المادية، عندها نصبح عمليًا في رحاب يوم بعد غد، وتصبح مقولتي بأنني أفضل من يوم غد مماثلة لـ "أفضل من الأمس!". قالت لي: أرجوك.. اخرس! دعك من الفلسفة، يبدو أنك قد فقدت القدرة على ممارسة فعل الحبّ! تعالَ معي إلى سرير الزوجية قبل أن نصبح أنا وأنت أسرى لعجز المستقبل.

 

* * *

 

ما أغبى القصيدة!

سألتها بحيرة لماذا تظلمينها اليوم وقد كنت أسيرتها البارحة؟ قالت بالأمس كانت قصيدتك مرآتي، أقرأ فيها حضوري وغياب النساء كافة. اليوم بان في أسطر قصيدتك جمال لا يعكس تقاطيع وجهي. حتى الابتسامات والحزن المسيطر أقرؤه غريبًا عن طبيعتي! كيف تكون القصيدة وديعة وقد غرست خنجرًا في ظهري، خنجراً يحمل بصمات قلمك – ما أغبى القصيدة نهار اليوم يا شاعر!  

 

* * *

 

كانت تبتسم.. تبتسم.. تبتسم، في وجهه الوسيم.. الوسيم.. الوسيم، وسط حشد كبير من المتظاهرين.. المتظاهرين.. المتظاهرين، ضدّ كبح الحريات والظلم واحتكار السلطة والموت المفاجئ، في ظلّ غياب الحياة.. الحياة.. الحياة بمفهومها المعاصر، كانت تطالب بالحرية.. الحرية.. الحرية، وهو يقف أمامها واثق الخطوة.. الخطوة.. الخطوة. مد يده إلى خاصرته.. خاصرته.. خاصرته، أطلق تجاه قلبها الذي كان يعرف مكانه جيدًا رصاصة.. رصاصة.. رصاصة.   

 

* * *

 

قالت: علمني السباحة في صحرائك!

قلت لها: بل علميني الهرب منها! قالت: سئمت الهرب من البحار الكاذبة، ما حسبته بحرًا يبدو اليوم هواجس كاذبة. أجبتها: لكن صحرائي دائمة، صعبة المراس، قاحلة، لا ينبت فيها سوى الصبّار! قالت: لم أتذوّق طعم الصبار منذ ألف سنة. ما أجمل السباحة في صحراء لا تغير لون رملها الذهبي الأصفر.

*

 

 




Link: http://www.jamaliya.com/ShowPage.php?id=8112